سير

توماس أديسون.. عدو النوم الذي اخترع المصباح الكهربائي

توماس أديسون (1847_1931) هو مخترع أمريكي شهير ورائد في مجال البحث والتطوير، ويعد توماس أديسون واحداً من أهم المخترعين في التاريخ، وقد غيرت اختراعاته الحياة اليومية للعديد من الناس في جميع أنحاء العالم.
ولد في مدينة ميلانو بولاية أوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1847، وكانت عائلته عائلة فقيرة. عمل أديسون في عدة وظائف منذ صغره، حيث عمل في متجر لبيع الحلويات، ثم في شركة للصحف، ومن ثم في شركة تلغراف.
بدأ أديسون العمل في مجال الاختراع والابتكار عندما كان في سن العشرينات، وفي عام 1869، اخترع ماكينة لتحسين عملية إنتاج الصحف. وفي عام 1876، اخترع أديسون أول جهاز تسجيل صوتي ميكانيكي، الذي وصفه بأنه “فونوغراف”، وكان هذا الاختراع يعتبر نقطة تحول في تاريخ الصوتيات.
وقام بتطوير أول مصباح كهربائي عام 1879، كما اخترع العديد من الأدوات الأخرى مثل البطارية والمصعد الكهربائي والطابعة الكهربائية.
ويعتبر توماس ألفا إديسون أحد أشهر المخترعين الأمريكيين وأنجحهم على الإطلاق
عذب توماس إديسون معلميه وهو طفل؛ حيث كان نادرًا ما يجلس في هدوء، وكان دومًا يمطر معلميه بالأسئلة، ولم يكن قادرًا على التركيز، كما أنه كان يبدو وكأنه يتجاهل تعليماتهم. كان يعاني من مشكلات في السمع، ولكن معلميه كانوا يعتقدون أنه بطيء الفهم بل ومختلف، وقبل أن يبلغ إديسون سن السادسة، كان قد أحرق مخزن الحبوب الخاص بعائلته، وهي الحقيقة التي استخدمها البعض دليلًا على ضعف قواه العقلية. وقد حاولت والدته إلحاقه بالعديد من المدارس المختلفة، ولكن النتيجة كانت واحدة دومًا، وأخيرًا أخرجته من المدرسة وعلمته بنفسها في المنزل.
عندما كبر إديسون، عمل موظفًا لإرسال البرقيات في محطة للسكك الحديدية، ولكنه لم يدع عمله يؤثر على رغبته في تحصيل العلم والمعرفة، لذلك حصل على تصريح بإنشاء معمل كيمياء في سيارة للأمتعة، ولكن رئيسه ندم على ذلك بسرعة عندما دمر إديسون مكتب إرسال البرقيات عندما كان يقوم بتجربة بطارية. وقد ركز المخترع على تجاربه لدرجة أنه كثيرًا ما كان يهمل عمله. وقد طُرد من عمله في العام التالي بعدما فشل في إرسال إشارة تحذير لقطار، فحاد عن طريقه.
وبعد بضع سنوات – وهو خاوي الجيب وبلا عمل – ذهب إلى نيويورك بحثًا عن عمل هناك. وبعد عدة مقابلات فاشلة، كان في انتظار إجراء مقابلة عندما علم أن مؤشر سعر الذهب في هذه الشركة قد تعطل، فأصلحه وحصل على عمل في تلك الشركة. وبفضل عمله الجديد، اخترع فيما بعد أول آلة تلغراف أوتوماتيكي، فحصل على ما يكفيه من المال لينشئ معملًا خاصًّا به.
عمل بجِد حتى اخترع المصباح الكهربي، ثم الفونوغراف، كما أنه قدم للبشرية آلة الصور المتحركة. وقد سأله شخص ما ذات يوم عن شعوره إزاء فشله مرات عديدة قبل أن ينجح، فأجابه إديسون: “أنا لم أفشل مطلقًا، فالنجاح عملية تتكون من 2000 خطوة”.
طوال حياته المهنية، تعرض إديسون لانتقادات عديدة، فبعد تركيب المصباح الكهربي على امتداد طريق دي أفينيو لا أوبرا، وبلاي دي أوبرا – الذي أقيم فيه معرض باريس عام 1878- تنبأ إراسموس ويلسون – وكان أستاذًا بجامعة أكسفورد – بأنه لن يسمع أي إنسان عن المصباح الكهربي من جديد. كما كتبت اللجنة التي شكلها البرلمان البريطاني لتقييم أعمال إديسون تقريرها بأنه “لا يستحق الانتباه إليه باعتباره رجل علم”، كما تساءل هنري مورتون – رئيس معهد ستيفينز للتكنولوجيا – كيف ادعى إديسون النجاح “على الرغم من أن أي إنسان يعرف الأمر يعلم أنه فشل واضح”.
من عام 1878، قدم توماس إديسون الفونوغراف الذي اخترعه للأكاديمية الفرنسية للعلوم. وقد تنبأ أحد أعضائها، ويدعى جين بويو بأنه لن ينجح، وقال: “من المستحيل استبدال الأعضاء السامية للنطق لدى البشر بقطعة معدنية حقيرة عديمة الإحساس”. وبعدما عمل الجهاز، أرجع بويو ذلك إلى أنه: “التكلم البطني”.
طوال حياته “حصل إديسون على 1093 براءة اختراع عن اختراعاته، من بينها المصباح الكهربي، وجهاز التلغراف الأوتوماتيكي، والفونوغراف، وآلة عرض الصور المتحركة. وقد قال بعد محاولة فاشلة لابتكار بطارية تخزين: “إننا نعرف على الأقل 8000 شيء لا ينجح!”.
ورفض أديسون أن يخفف الأعباء عن نفسه على الرغم من تقدمه بالعمر، حتى أنه قام ببناء مختبر في منزله الشتوي في فورت مايزر بفلوريدا، لكي يتمكن من العمل خلال الأشهر التي يكون فيها بعيدًا عن وست أورانج..
لقد جعلت المساهمات الكثيرة التي قدمها إديسون وشركاؤه كالتلغراف الرباعي، والحاكي، والضوء المتوهج العملي، ونظام التوزيع الكهربائي، والتحسينات الهامة على الهاتف وعلى المولدات الكهربائية وآلة التصوير السينمائي، منه أسطورة حية. وجرى الاحتفال بتلك الإنجازات مرات ومرات على مدى السنوات التي تلت رحيله.
وإلى جانب تلك الاختراعات، كانت لإديسون مساهمات أخرى لا تقل أهمية وإن طواها النسيان كجهوده الرائدة في تأسيس مختبر أبحاث صناعي، في منلوبارك أولًا، وبعدها في وست أورانج. إذ أصبح مختبر أديسون بالأسلوب الفريد الذي يجمع بين الموارد المالية وأفضل التجهيزات وأحسن الكوادر بهدف البحث المنهجي عن المنتجات الجديدة والابتكارات، نموذجًا للشركات الأخرى.
عمل أديسون في مجال البحث والتطوير لأكثر من 40 عاماً، وصمم العديد من الآلات التي غيرت العالم، كما أنه أسس شركة عام 1878 لتطوير اختراعاته وتسويقها، وهي شركة جنرال إلكتريك اليوم.
وعندما توفي إديسون كان عدد مختبرات البحوث الصناعية العاملة يفوق 1500، ولا تزال مثل هذه المختبرات حتى يومنا هذا مصدر ما يسمى (التكنولوجية العالية)، وبذلك كان لإديسون رمزًا انتقاليًا هامًا بين ورشات العمل البسيطة التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر، وبين المصانع المتألقة التي كانت وراء إحداث أقسام البحث والتطوير داخل الشركات العصرية.
وقد أصبح إديسون أول شخص يكرم في قاعة المشاهير المخترعين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى