إشارات في المتاهة: رواية The Maze Runner لجيمس داشنر

نبذة تعريفية عن الرواية
رواية The Maze Runner هي أولى أجزاء سلسلة ديستوبية شهيرة كتبها المؤلف الأمريكي جيمس داشنر، ونُشرت لأول مرة في 6 أكتوبر 2009. تنتمي الرواية إلى أدب الخيال العلمي لليافعين (Young Adult Sci-Fi)، وتتمحور حول مفهوم المتاهة كاختبار مصيري في عالم مستقبلي منكوب.
نجحت الرواية تجاريًا بشكل لافت، حيث بيع منها ملايين النسخ حول العالم، وتمت ترجمتها إلى أكثر من 40 لغة، من بينها العربية. نالت عدة جوائز، من بينها:
- ALA Best Fiction for Young Adults (2011)
- Truman Reader’s Award (2012)
- Charlotte Award (2012)
وقد مهّدت هذه الرواية الطريق لتوسعة سردية مميزة تضم لاحقًا أجزاءً مثل The Scorch Trials وThe Death Cure، مما كرّسها كإحدى أشهر سلاسل الخيال العلمي في القرن الحادي والعشرين.
المتاهة: بداية الغموض
استيقظ “توماس” وسط الظلام… لا يتذكر شيئًا. لا يعرف من هو، ولا كيف وصل إلى هذا المكان الغريب الذي تحيط به جدران إسمنتية شاهقة. الشيء الوحيد الذي يتذكره هو اسمه.
حين فتحت أبواب المصعد الحديدي المسمى “الصندوق”، كان ينتظره عالم غريب يُدعى “المنطقة” (The Glade) – مساحة خضراء محاطة بجدران هائلة تفصلها عن متاهة ضخمة متغيرة. هناك، يلتقي توماس بفتيان آخرين، كلهم مثله، فاقدو الذاكرة، و”عالقون” داخل هذا السجن الضخم.
يستقبله قادة المكان، أبرزهم “ألبى” و”نيوت”، ويحاولون شرح النظام الداخلي للمنطقة. ومن بينهم يبرز “مينهو”، قائد “العدّائين”، وهم من يغامرون بالدخول إلى المتاهة نهارًا في محاولة لفك شفرتها قبل أن تُغلق أبوابها عند الغروب.
توماس يشعر منذ اللحظة الأولى بأن المتاهة تناديه. ومع الوقت، يتبين أن له علاقة غامضة بالمكان، وأن وصوله لم يكن مصادفة.
ظهور تيريزا: بداية الانقلاب
بعد أيام قليلة من وصول توماس، يحدث أمر غير مسبوق: يظهر الصندوق مجددًا، حاملاً فتاة، هي الأولى التي تصل إلى المكان. اسمها تيريزا، وهي فاقدة للذاكرة مثلهم، لكنها تنطق برسالة مروعة: “كل شيء سيتغير.”
يحمل ظهورها معه شعورًا داخليًا غريبًا في نفس توماس، وكأن بينهما رابطًا قديمًا. كما أنها تمسك بورقة كُتب عليها: “هذه هي الأخيرة. النهاية بدأت.”
منذ تلك اللحظة، تبدأ قواعد اللعبة في التبدل. تتغير حركة المتاهة بشكل غير معتاد، وتبدأ الوحوش المسماة بـ”Grievers” في الهجوم ليلًا، وهو ما لم يحدث من قبل. يسود الذعر والانقسام بين الفتيان.
رحلة داخل المتاهة
يصر توماس على الانضمام إلى العدّائين، ويتمكن من دخول المتاهة بمبادرة شخصية، حيث يُنقذ مينهو وألبى من الموت بعد مواجهة مع الوحوش. هناك يرى توماس بعينه ضخامة المتاهة وتعقيدها، ويبدأ في فك رموزها تدريجيًا.
يكتشف توماس أن المتاهة تكتب رسائل مشفّرة إذا راقبنا تشكيلاتها على مدار الأيام. ومع تيريزا، التي استعادت تدريجيًا جزءًا من ذاكرتها، يتوصلان إلى أن المتاهة ليست سوى اختبار فظيع أجري عليهم من قبل منظمة تُدعى WICKED، وهي اختصار لعبارة: World In Catastrophe: Killzone Experiment Department.
الهدف من المتاهة كان اختبار استجابتهم النفسية والعقلية في مواجهة الخطر، بعد أن تعرض العالم لخطر كبير – اجتياح شمسي تسبب في أمراض مدمرة.
الذروة: الهروب من المتاهة
يدرك توماس أن الطريقة الوحيدة للنجاة هي بمواجهة الخطر، لا الهروب منه. يقنع البقية بخطة جريئة: سيخترقون المتاهة حتى المركز، حيث توجد بوابة النهاية، ويواجهون ما تبقى من “Grievers” وكمائن WICKED.
في ليلة ملحمية، يخرجون إلى المتاهة، ويخوضون معركة عنيفة. يسقط البعض، يُصاب البعض الآخر، لكن في النهاية يصل توماس وتيريزا ومن تبقى من الفتيان إلى البوابة، حيث يدخلون رمز الخروج المشفّر الذي حفظوه من المتاهة.
تفتح الأبواب أخيرًا، لكن المفاجأة تكون أكبر مما توقّعوا…
النهاية: من الخلاص إلى الصدمة
تُفتح البوابة لتُقابلهم مجموعة مسلحة تدعي أنها “المنقذة”، وتنقلهم بالحافلات إلى مبنى مجهول. هناك، يخبرهم أحد المسؤولين أن هذه ليست النهاية، بل مجرد المرحلة الأولى من اختبار أكبر.
يُغادر توماس المكان وهو يعلم أن اللعبة لم تنتهِ، وأن المتاهة ليست سوى بداية لمتاهات أخرى… في الداخل والخارج.
الأعمال الفنية المقتبسة عن الرواية
The Maze Runner (2014)
- الإخراج: ويس بول (Wes Ball)
- بطولة: ديلان أوبراين (توماس)، كايا سكوديلاريو (تيريزا)، توماس برودي سانغستر (نيوت)، وويليام بولتر (غاللي)
- تقييم IMDb: 6.8/10
- تقييم Rotten Tomatoes: 64%
نجح الفيلم في تجسيد جو المتاهة، وحقق إيرادات تجاوزت 348 مليون دولار عالميًا، مما دفع لإنتاج الأجزاء التالية.
The Scorch Trials (2015)
- استكمال مباشر للأحداث، حيث يواجه الناجون اختبارات في عالم خارجي مدمر.
- تقييم Rotten Tomatoes: 48%
The Death Cure (2018)
- نهاية ثلاثية الأفلام.
- تقييم Rotten Tomatoes: 43%
- استُقبل بشكل مختلط، لكنه حافظ على طابع التشويق والبقاء.
تحليل واستقبال الجمهور
الرواية:
حازت الرواية على إعجاب عشاق الأدب اليافع لما فيها من غموض، وبناء عوالم مستقبلية، وصراعات نفسية جماعية وفردية. اعتُبرت من أبرز روايات “البقاء” بعد The Hunger Games.
الفيلم:
لاقى الفيلم الأول استحسان الجمهور، خاصة من الفئة العمرية 15-25 عامًا، وأشاد النقاد بجوّه المظلم وأداء ديلان أوبراين. بينما نالت الأجزاء اللاحقة مراجعات مختلطة، حيث رأى البعض أن القصة فقدت قوتها، بينما رأى آخرون أن السلسلة بقيت وفية لروح الروايات رغم الاختصارات.
تأثير الرواية في الثقافة الشعبية
أثرت The Maze Runner في نمط القصص الشبابية التي تمزج الغموض بالبقاء، وفتحت المجال لأعمال أخرى مشابهة. كما ألهمت العديد من ألعاب الفيديو، ومجموعات القراءة الشبابية، وفعاليات “الهروب من المتاهة” في العالم الواقعي.
خاتمة
رواية The Maze Runner ليست مجرد قصة خيال علمي، بل مغامرة نفسية وروحية تعكس صراع الإنسان مع المجهول، ومع ذاته. بأسلوبها المشوّق، وشخصياتها المركبة، تركت الرواية – ومن بعدها الفيلم – أثرًا لا يُمحى في نفوس القراء والمشاهدين على حد سواء.
وبينما تنتهي المتاهة على الورق، فإن الأسئلة التي تطرحها عن الحرية، والسيطرة، والنجاة، تبقى مفتوحة… تمامًا كما أراد جيمس داشنر.