كتب

الحياة الوظيفية: ابدأها محترفًا، تعامل معها بواقعية، وغادرها بسلام – رحلة في عقل شايع الشكره

في عالمٍ تتقاطع فيه الطموحات المهنية مع تحديات الواقع، وتضيق فيه المسارات الوظيفية حينًا وتتسع حينًا آخر، يظهر كتاب “الحياة الوظيفية: ابدأها محترفًا، تعامل معها بواقعية، وغادرها بسلام” للمؤلف شايع عبدالله الشكره كمرشد صادق ورفيق عقلاني لكل من يسعى لبناء حياة مهنية متوازنة وناجحة. لا يعد الكتاب مجرد نصائح مبعثرة، بل هو حصيلة تجربة طويلة صيغت بأسلوب مبسط وواقعي يلامس تفاصيل الحياة اليومية للموظف، منذ أول خطوة وحتى نهاية الرحلة.

 

مدخل إلى الكتاب

صدر الكتاب عن دار “كتب مؤلفين” عام 2021، ويقع في 179 صفحة من الحجم المتوسط. يُصنف ضمن كتب التنمية البشرية والإدارة الذاتية، ويُوجّه رسالته بشكل خاص إلى فئة الشباب في بداياتهم المهنية، لكنه لا يغفل عن أولئك الذين أنهكهم صخب المكاتب، أو الذين يستعدون لتوديع الحياة الوظيفية بهدوء.

 

هيكلية الكتاب

يُقسم شايع الشكره الحياة الوظيفية إلى ثلاث مراحل جوهرية:

  1. ابدأها محترفًا: اختيار الطريق الصحيح، وتأسيس قاعدة مهنية صلبة منذ البداية.
  2. تعامل معها بواقعية: مواجهة التحديات والتغيرات بروح مرنة وواعية.
  3. غادرها بسلام: التخطيط لنهاية مهنية متزنة، خالية من الندم والصراعات.

يمتاز الكتاب بسهولة لغته وتدفق أفكاره، وهو مكتوب بأسلوب سردي يتخلله شيء من السيرة الذاتية، ما يضفي عليه طابعًا حميميًا وصادقًا.

 

المرحلة الأولى: ابدأها محترفًا

ينطلق الشكره من مبدأ أن أول خطوة في الحياة الوظيفية تحدد شكل الطريق. فهو يدعو القارئ للتأني في اختيار التخصص والمسار المهني، مؤكدًا على أهمية معرفة الذات والتخطيط المستقبلي. يشجع على اكتساب المهارات والتجارب حتى قبل التوظيف، من خلال التدريب أو العمل التطوعي.

كما يُبرز أهمية التهيئة الذهنية والنفسية للدخول إلى بيئة العمل: احترام الوقت، الالتزام بالمسؤوليات، وفهم ثقافة المؤسسة.

 

المرحلة الثانية: تعامل معها بواقعية

هنا ينتقل المؤلف إلى صلب التجربة الوظيفية اليومية. من التعامل مع المدراء والزملاء، إلى كيفية تجاوز الإحباطات والصراعات المكتبية، كل ذلك يتم تناوله بعمق وبأمثلة حقيقية. يطرح أفكارًا مثل:

  • المرونة والتكيف: التغير سنة العمل، ومن لا يتأقلم سريعًا، سيتعب كثيرًا.
  • إدارة التوقعات: ليس كل شيء يُمنح بسرعة، ولا كل جهد يُكافأ مباشرة.
  • التطور الذاتي: لا تعتمد على المؤسسة في تطويرك، بل بادر لتطوير نفسك ذاتيًا.

كما يسلط الضوء على سلوكيات الموظف التي قد تعيقه، مثل التذمر المستمر، أو انتظار الترقية دون إنجازات حقيقية، ويدعو إلى “الصبر الإيجابي” وليس السلبي.

 

المرحلة الثالثة: غادرها بسلام

في هذه المرحلة، يلامس الكتاب جانبًا حساسًا، وهو كيفية إنهاء الرحلة الوظيفية. يقول الشكره: “الوظيفة وسيلة، لا غاية. من يفهم ذلك سيغادرها بأقل الخسائر وأكثر المكاسب.”

يحث القارئ على الاستعداد المبكر لمرحلة التقاعد أو الخروج من الوظيفة، سواء عبر التخطيط المالي، أو ببناء بدائل مهنية (كمشروع شخصي أو مهارات حرة). ويشدد على أهمية المغادرة بكرامة، دون صدامات أو ندم، حفاظًا على السمعة التي بُنيت طيلة سنوات.

 

أسلوب الكتاب

الكتاب مكتوب بلغة سلسة، واضحة، قريبة من القارئ. تتخلله جمل ملهمة وعبارات تلخص خلاصة التجارب، مثل:

“الوظيفة كالرحلة، من لا يعرف متى يبدأ ومتى يتوقف، قد يضيع الطريق أو يفقد المتعة.”

كما يعتمد الكاتب على سرد مواقف من حياته ومن حياة من حوله، مما يعطيه مصداقية عالية.

 

الرسائل المركزية

  • الاحترافية سلوك دائم لا يرتبط فقط بالبداية.
  • الواقعية ليست تشاؤمًا، بل فهم دقيق للبيئة المحيطة.
  • الخروج من الوظيفة فنٌ يتطلب عقلًا هادئًا ونفسًا طويلة.

تقييم الكتاب

يستحق الكتاب أن يُدرّس أو يُدرج ضمن برامج الإرشاد المهني في الجامعات. لأنه ببساطة لا يبيع الوهم، ولا يطرح حياة مثالية، بل يروي حياة موظف كما هي: بما فيها من تعب وأمل ورضا.

كما أنه مناسب للقراءة الفردية أو كمادة للنقاش في ورش العمل المهنية، كونه يفتح باب الحوار حول قضايا عميقة تمسّ كل موظف تقريبًا.

الخاتمة

يقدم شايع الشكره في كتابه “الحياة الوظيفية” أكثر من مجرد نصائح وظيفية؛ إنه يقدم فلسفة في العمل والحياة. فلسفة تقول إن البداية القوية، والواقعية المستمرة، والنهاية الذكية، هي أضلاع مثلث النجاح المهني.

هذا الكتاب ليس لمن يبحث عن الوصفة السحرية، بل لمن يريد أن يصنع مستقبله بوعي، خطوة بخطوة، بروحٍ محترفة وعقلٍ منفتح.

 

لمعرفة المزيد: الحياة الوظيفية: ابدأها محترفًا، تعامل معها بواقعية، وغادرها بسلام – رحلة في عقل شايع الشكره

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى