هيلين كيلر (1880- 1968)، كاتبة أمريكية وناشطة سياسية، وعضو في الجمعيات الخيرية للصَمَم والعمى. أصيبت هيلين بالصمم والعمى منذ أن كانت صغيرة، وكان عليها أن تكافح للتغلب على عجزها المزدوج، ومع ذلك كانت شخصية مؤثرة، عندما أصبحت أول شخص أصم وأعمى حاصل على درجة البكالوريوس. وأصبح لها أثر في القضايا الاجتماعية والسياسية وقضايا الإعاقة، وساعدت شخصيتها العامة بإزالة وصمة العار عن ذوي الاحتياجات الخاصة، كان يُنظر إليها أيضًا على أنها مثال قوي للشخص القادر على تغلب الظروف الصعبة.
«عرفت العمق عندما لم أجد الأمل، وعندما بُسِط الظلام على وجه كل الأشياء، حينها شعرت بالحب وأُطلِق سراح روحي، كنت أعرف الظلام والسكون فقط، أما الآن فأنا أعرف الأمل والفرح». -هيلين كيلر، عن التفاؤل (1903).
نبذة قصيرة عن حياة هيلين كيلر
وُلدت هيلين في 27 من شهر يونيو/ حزيران من عام 1880 في توسكومبيا في ألاباما، عانت هيلين من مرض حاد في الطفولة، عندما كان عمرها 19 شهرًا وتركها المرض صماء وعمياء، فقبل ذلك كانت تُبصر بشكل جزئي فقط. في السنوات الأولى من حياتها، كانت تتواصل مع عائلتها فقط من خلال عدد من الإشارات البدائية، وكانت تتواصل بشكل أفضل مع ابنة طاهية المنزل التي تبلغ من العمر ست سنوات.
ومن ناحية أخرى، جعلها عدم تواصلها بشكل لائق تبدو فتاة غير مهذبة وسيئة السلوك، فعلى سبيل المثال كانت تتناول الطعام بأصابعها من طبق أي شخص على الطاولة. في عام 1886، أُرسِلت هيلين لرؤية أخصائي العين والأذن والأنف في بالتيمور، الذي وضعها على اتصال مع ألكسندر غراهام بيل الذي طور أول هاتف، وكان يحقق أيضًا في قضايا الصوت وضعف السمع، وعندها تأثر بيل من تجربته مع كيلر، وكتب: «أشعر أنني قد رأيت في هذه الطفلة الكثير من الروحانية التي لم تكن واضحة في أي شخص قابلته من قبل».
ساعد ألكسندر بيل كيلر ووجّهها لزيارة مركز بيركنز للمكفوفين، وقد قادها ذلك لعلاقة طويلة مع آن سوليفان التي كانت طالبة سابقة في المركز، كانت سوليفان تعاني من ضعف البصر عندما كان عمرها 20 عامًا، ودون خبرة سابقة، بدأت في تعليم هيلين كيفية التواصل، وحافظت آن على علاقتها مع كيلر لـ 49 عامًا.
تعلم التواصل
في البداية، شعرت كيلر بالإحباط لعدم قدرتها على التقاط إشارات اليد التي كانت تتلقاها من سوليفان، وبعد شهر محبط تعلمت كيلر نظام سوليفان لإشارات اليد من خلال فهمها لكلمة (ماء) عندما صبّت سوليفان الماء على يد كيلر اليسرى وكتبت بيدها اليُمنى كلمة (ماء) وكان هذا ما ساعد كيلر على فهم هذه الطريقة، وسرعان ما تمكنت من تحديد مجموعة متنوعة من الأشياء المنزلية.
«أهم يوم في حياتي هو اليوم الذي أتيت فيه إلى أستاذتي آن مانسفيلد سوليفيان، تملؤني الدهشة عندما أفكر بالتناقضات اللا محدودة ما بين الحياتين اللتين ربطتهما، كان ذلك في الثالث من مارس في عام 1887، ثلاثة أشهر قبل أن أصبح في السابعة من العمر». هيلين كيلر، قصة حياتي 1903، الفصل الرابع.
الكاتبة الأسطورية هيلين كيلر
حققت كيلر تقدمًا سريعًا في التغلب على عاداتها السيئة، وأصبحت ماهرة في الكتابة بطريقة بريل للمكفوفين، وتمكنت من البدء في تعليم مُثمر بالرغم من إعاقتها. حققت كيلر تقدمًا أكثر من أي شخص متوقع، وتعلمت فيما بعد الكتابة باستخدام آلة كتابة بريل.
كانت كيلر على اتصال مع الكاتب الأمريكي مارك توين، وأُعجب بمثابرتها، وأقنع رجل الأعمال هنري روجرز بدفع نفقة تعليمها، وبصعوبة كبيرة تمكنت كيلر من الدراسة في كلية رادكليف، وتخرجت بعدها في عام 1904 بدرجة بكالوريوس في الآداب.
وخلال دراستها، تعلمت أيضًا التحدث وممارسة القراءة بالشفاه، وأصبحت حاسة اللمس لديها بارعة جدًا، ظنت كيلر أن الصمم والعمى شجعاها على تطوير إدراكها وحكمتها، إلى ما يفوق الحواس.
«نحن نختلف عن بعضنا البعض في موضوع البصر والعمى، فلا نختلف في حواسنا بل في طريقة استعمالنا لها؛ أي في الشجاعة والخيال اللذين نسعى بهما للحكمة إلى ما وراء الحواس». هيلين كيلر، العالم ذو الحواس الخمس (1910).
أصبحت كيلر كاتبة ومتحدثة بارعة؛ إذ نشرت سيرتها الذاتية (قصة حياتي) في عام 1903، وسردت نضالها في التغلب على إعاقتها والطريقة التي أجبرتها على النظر إلى الحياة من منظور مختلف.
«عندما يُغلق باب السعادة يُفتح باب آخر، ولكننا عادةً ما نُطيل النظر في الباب المغلق، لدرجة أننا لا نرى الباب الذي فُتح لأجلنا» -هيلين كيلر.
آراء هيلين كيلر السياسية
كتبت كيلر في القضايا السياسية، وكانت مؤيدة قوية للحزب الاشتراكي الأمريكي، وانضمت إليه في عام 1909. رغبت كيلر برؤية توزيع أكثر عدالة للدخل، ووضع حد لعدم المساواة في المجتمع الرأسمالي. وقالت إنها أصبحت مقتنعةً أكثر بالاشتراكية بعد إضراب عمال المناجم عام 1912، وضمنت كيلر عدة مقالات عن الاشتراكية في كتابها (الخروج من الظلام) عام 1913.
دعمت كيلر يوجين فيكتور دبس في كل انتخاباته الرئاسية، وفي عام 1912 انضمت إلى عمال الصناعة في العالم إلى جانب الدعوة الاشتراكية، كانت كيلر من دُعاة السلام، وعارضت التدخل الأمريكي في الحرب العالمية الأولى.
آراء هيلين كيلر الدينية
في الشؤون الدينية، دعت إلى تعاليم إيمانويل سويدنبرغ اللاهوتي المسيحي الذي فسر الكتاب المقدس تفسيرًا روحيًا، ونشرت كيلر كتابها (ديني) في عام 1927.
عمل هيلين كيلر الخيري
منذ عام 1918، كرّست كيلر معظم وقتها لجمع الأموال وتوعية الجمعيات الخيرية للمكفوفين، وسعت أيضًا لجمع المال وتحسين الظروف المعيشية للمكفوفين المتعلمين بشكل سيئ، والذين يعيشون في الملاجئ. «كنت سعيدة بالرغم من كل ما حُرمت منه، كانت سعادتي من العمق، وكانت متغلغلة في فكري حتى أصبحت فلسفة الحياة -باختصار- إذا كنت متفائلة فإن شهادتي تستحق الاستماع». هيلين كيلر، التفاؤل 1903.
عانت كيلر من سكتة دماغية في نهاية حياتها، وتوفيت في منامها في اليوم الأول من شهر يونيو عام 1968. حصلت على العديد من الجوائز خلال حياتها، بما في ذلك الميدالية الرئاسية للحرية في عام 1964، من قبل ليندون جونسون.
المصدر: موقع أنا أصدق العلم