كتب

العلاقات تصنع المجد: فلسفة جو بوليش في النجاح من خلال الآخرين

إشعال الفضول

في يوم صافٍ من عام 2024، خرجت في عالميات كتب تطوير الذات مفاجأة غير متوقعة؛ عنوان كبير مبتكر يأتي بخلاصة عبقرية:

“ما الذي سيكسبونه؟”

هذا الكتاب غير المألوف، ألّفه جو بوليش، مؤسس شبكة المبتكرين Genius Network. يقدم من خلاله نظرة ثاقبة عن مبادئ العلاقات الذكية وصيغة فريدة للنجاح الحياتي والمهني. في زوايا السرد، ستكتشف كيف يمكن لنهج بسيط —طرح السؤال المحوري: «ما الذي سيكسبونه؟»— أن يحوّل حياتك بالكامل. ويكشف لك عن سبب فوز العلاقات الصادقة في عالم مزدحم بالمصالح.

 

من أين بدأ جو بوليش؟ ملامح طفولة في أريزونا

وُلد جو بوليش في نوفمبر 1962 بمدينة توكسون بولاية أريزونا الأمريكية، وسط أسرة متوسطة الحال. عانى من مشاكل في التركيز خلال دراسته، وكان يعاني أيضًا من عزلة اجتماعية إلى حد ما، لكنه أبدى مبكرًا ميلًا فطريًا لفهم البشر أكثر من الكتب.

في فترة المراهقة، لم يكن يعرف أنه سيصبح لاحقًا أحد أكبر الأسماء في عالم الشبكات والعلاقات. كان يعمل في تنظيف السجاد، ويتنقل بين المنازل، وهناك، من داخل البيوت البسيطة، تعلم أول درس في التواصل: الإنصات يصنع الصفقات.

البداية المهنية: من عربة تنظيف إلى عربة أفكار

بدأ جو حياته كرائد أعمال صغير يمتلك شركة تنظيف سجاد. لم تكن الأمور سهلة، وواجه الإفلاس أكثر من مرة. ومع ذلك، اكتشف أمرًا مهمًا: حين تُركّز على ما يحتاجه الآخرون، فإن المكافآت تأتيك مضاعفة.

تغير كل شيء عندما بدأ يسأل نفسه قبل كل صفقة: “ما الذي سيكسبه هذا العميل؟”، وسرعان ما تحوّل هذا السؤال إلى فلسفة كاملة طبّقها في حياته وشبكاته وعلاقاته، وصار يُعرف بأنه “أكثر رجل متصل في العالم”.

شبكة العباقرة: Genius Network

في 2007، أطلق جو بوليش مشروعه الكبير: Genius Network، وهي منصة تجمع أبرز المفكرين وقادة الأعمال والمبدعين. هدفها بسيط: ساعد الآخرين على النمو، وسينمو عملك معهم.

أصبحت الشبكة من أهم التجمعات الفكرية في العالم، واستضاف فيها أسماء لامعة مثل: توني روبنز، بيتر ديامانديس، وتيم فيريس. وتمحورت كل لقاءات الشبكة حول سؤال جوهري: “ما القيمة التي نقدمها للآخر؟”.

عن الكتاب: “ما الذي سيكسبونه؟”

نُشر الكتاب في عام 2024، بعنوان أصلي بالإنجليزية:
“What’s in It for Them?”

ويحمل عنوانًا فرعيًا:
“9 مبادئ عبقرية لبناء علاقات قوية تساعدك على تحقيق ما تريد عبر مساعدة الآخرين”

جاءت الترجمة العربية دقيقة وسلسة، وصدرت عن دار ملهمون، ضمن تصنيف تطوير الذات وتطوير العلاقات.

المبادئ التسعة التي يدور حولها الكتاب:

  1. ابدأ بما يريدونه لا بما تريده
    توقف عن التفكير في نفسك أولًا، وابدأ بتقديم قيمة حقيقية للآخرين.
  2. النية الصادقة أساس كل علاقة
    العلاقات التي تبنى على المصلحة تنهار، أما الصدق في النية فيصنع الثقة.
  3. الاستماع بعمق يفتح القلوب
    لا تتحدث كثيرًا. اسأل، واصمت، واستمع بتركيز حقيقي.
  4. اعطِ قبل أن تطلب
    ساعد الآخرين أولًا دون انتظار مقابل، وستجد ما هو أكثر من المقابل لاحقًا.
  5. كوِّن شبكة لا جمهورًا
    العلاقات ليست بعدد المتابعين، بل بعمق الثقة والاتصال.
  6. تعامل مع العلاقات كأصول طويلة الأمد
    لا تبحث عن فوز سريع، بل عن علاقة مستمرة وناجحة.
  7. روّج لنجاح غيرك بصدق
    عندما ترفع الآخرين، ترتفع معهم.
  8. ابنِ سمعتك من خلال العطاء
    الناس ينسون ما قلته، لكن لا ينسون كيف جعلتهم يشعرون.
  9. كن نافعًا، لا لامعًا فقط
    لا تبحث عن الأضواء، ابحث عن الأثر الحقيقي في حياة من حولك.

أسلوب جو بوليش: قصصي، صادق، عملي

الكتاب لا يعتمد فقط على النصائح النظرية، بل يحتوي على عشرات القصص الواقعية من حياة جو، وشبكة علاقاته، وكيف استطاع بهذه المبادئ أن يبني شبكة علاقات قوية وفعالة، وأن يربط بين أشخاص حققوا صفقات بملايين الدولارات فقط لأنه عرف كيف يربط بينهم بشكل نافع.

كما يذكر تجارب شخصية مؤلمة — مثل إدمانه السابق، ومعاناته من القلق — ويوضح كيف أن التواصل الحقيقي أنقذه من الانهيار، وأعاد له المعنى في الحياة.

لماذا يهمك هذا الكتاب؟

لأن جو بوليش لا يتحدث عن مجرد تسويق، بل عن فن بناء علاقات مستدامة. سواء كنت رائد أعمال، موظفًا، أو حتى تبحث عن تحسين علاقاتك الاجتماعية، فإن هذا الكتاب يقدم لك قاعدة ذهبية بسيطة:

“افهم دوافع الناس وساعدهم، وسيصبح النجاح نتيجة طبيعية لذلك.”


أبرز الاقتباسات من الكتاب:

“إذا لم تستطع أن تفهم ما يريده الآخرون، لن تنجح أبدًا في إقناعهم بما تريده أنت.”

“الناس لا يحبون أن يُباع لهم… لكنهم يحبون أن يشتروا من أصدقاء يثقون بهم.”

“العلاقات العميقة تصنع الأعمال العميقة.”

نقد بنّاء

رغم أن الكتاب نال استحسانًا واسعًا، إلا أن البعض أشار إلى أن بعض الأفكار قد تبدو مألوفة لمن قرأ كتب العلاقات من قبل. لكن الجديد هو في صياغتها وسردها بأسلوب قصصي مقنع، يتسم بالصدق والواقعية.

خلاصة المقال

كتاب “ما الذي سيكسبونه؟” ليس مجرد كتاب، بل دليل حياتي شامل يساعدك على تحسين علاقاتك وبناء شبكتك بأخلاق وذكاء.

ينصح به:

  • رواد الأعمال
  • الموظفون الطموحون
  • الباحثون عن علاقات اجتماعية أعمق
  • كل من يبحث عن بناء الثقة والتأثير بصدق

 

 

لمعرفة المزيد: العلاقات تصنع المجد: فلسفة جو بوليش في النجاح من خلال الآخرين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى