الوليد وسعدى
يُحكى أنّ الوليد بن يزيد طلّق زوجته سعدى وقد أحبّها كثيرًا، فمرّت الأيام وتزوجت سعدى برجلٍ غيره، فحزن الوليد وقرّر أن يرسلَ لها الشاعر الأشعب ليبلغها بما كان في نفسه، فلما دخل عليه أشعب طلب منه الوليد أن يذهب إلى مطلقته سعدى فيبلغها رسالة منه، وأعطاه مقابل تلك الرسالة مبلغ خمسة آلاف درهم، فقبِلَ أشعب وأخذ الرسالة تلك، وكان مطلعها:
أَسَعدَةُ هَل إِلَيكِ لَنا سَبيلٌ
وَهَل حَتّى القِيامَةِ مِن تَلاقي
وصل أشعب عند سعدى فاستأذنها في الدخول فأذنت له، وأبلغها أنّ معه رسالة لها من الوليد وراح ينشد تلك القصيدة، فلما سمعته طلبت من جواريها أن يتولين أمر هذا الخبيث كما أطلقت عليه، فرجاها أن تعفو عنه وأخبرها بأنّه لم يقم بهذا الأمر، إلا أن الوليد أمر له بخمسة آلاف درهم.
قرّرت معاقبته إذا لم يقم بنقل رسالتها إلى الوليد، فطلب منها البساط الذي تقف عليه فأعطته إياه، ورجع إلى الوليد فقرأ على مسامعه بيت الشعر الذي يقول:
أتبكي على سعدى وأنت تركتها
لقد ذهبت سعدى فما أنتَ صانع؟
ما إن سمع الوليد بيت الشعر هذا حتى اشتد غضبه وراح يتوعد الأشعب بسوء العقاب على فعله هذا، فخيّره بين ثلاثة: إمّا أن يقتله، أو يطرده من القصر، أو أن يلقيه إلى السباع لتفترسه، فسكت الأشعب وبدا وكأنه حيران فيما يفعل، ثم أخذ يقول له: (ما كنت تعذب عينا نظرت لسعدى)، فما كان من الوليد إلا أن ابتسم وقرّر العفو عنه.
[المصدر: موقع موضوع]