تاريخ موجز لحياة العالم ديفيد هيلبرت
عالم الرياضيات الألماني الذي اختصر الهندسة إلى سلسلة من مسلمات، وساهم بشكل كبير في إنشاء الأسس الشكلية للرياضيات، أدى عمله عام 1909 حول المعادلة التكاملية إلى أبحاث القرن العشرين في تحليل دالي.
حدثت الخطوات الأولى في مسيرة هيلبرت المهنية في جامعة كونيجسبيرج، حيث أنهى عام 1885 رسالته الافتتاحية «دكتوراه»، بقي في كونيجسبيرج بصفة محاضر خاص «محاضر أو أستاذ مساعد» في 1886-1892، وكأستاذ مشارك في 1892-1893، محاضرًا في 1893-1895. وفي عام 1892 تزوج من كاتي يروش وأنجبا طفلًا واحدًا، وهو فرانز في عام 1895، نال هيلبرت درجة الأستاذية في الرياضيات في جامعة غوتنغن، وظل فيها لبقية حياته.
كان لجامعة غوتنغن ازدهار تقليدي في الرياضيات، وذلك في المقام الأول؛ نتيجة لإسهامات كارل فريدريش جاوس وبيتر جوستاف ليجون ديريتشليت وبرنارد ريمان في القرن التاسع عشر. خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، حقق هذا التقليد الرياضي شهرة أكبر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى هيلبرت، واجتذب معهد الرياضيات في غوتنغن الطلاب والزوار من جميع أنحاء العالم.
ساهم اهتمام هيلبرت الشديد بالفيزياء الرياضية أيضًا في تعزيز سمعة الجامعة في مجال الفيزياء، كما ساعد زميله وصديقه، عالم الرياضيات هيرمان مينكوفسكي في التطبيق الجديد للرياضيات على الفيزياء، حتى وفاته المفاجئة في عام 1909. ثلاثة فائزين بجائزة نوبل للفيزياء -ماكس فون لاو في عام 1914، وجيمس فرانك في عام 1925، وفيرنر هايزنبرغ في 1932-أمضوا أجزاء كبيرة من حياتهم المهنية في جامعة غوتنغن خلال حياة هيلبرت.
بطريقة أساسية سليمة، عدّل هيلبرت على نطاق واسع رياضيات الثوابت -الكيانات التي لم تتغير خلال تغييرات هندسية مشابهة كالدوران، والتمدد، والانعكاس. أثبت هلبرت نظرية الثوابت -أنه يمكن التعبير عن جميع الثوابت من حيث عدد محدود- في بحثهِ «تعليق على الأرقام»، وهو بحث عن نظرية الأعداد الجبرية نُشر عام 1897، قام بتوحيد ما كان معروفًا في هذا الموضوع، وأشار إلى طريق التطورات التي تلت ذلك. في عام 1899 نشر كتابه «أساسيات الهندسة»، والذي احتوى على مجموعته النهائية من المسلمات للهندسة الإقليدية وتحليلًا دقيقًا لأهميتها. يمثل هذا الكتاب الشهير، والذي ظهر في عشر طبعات، نقطة تحول في معالجة المسلمات للهندسة.
يرتكز جزء كبير من شهرة هيلبرت على قائمة من 23 مشكلة بحثية أعلنها عام 1900 في المؤتمر الرياضي الدولي في باريس بعنوان «مشاكل الرياضيات»، أجرى مسحًا لجميع الرياضيات تقريبًا في عصره، وسعى إلى تحديد المشكلات التي كان يعتقد أنها ستكون مهمة لعلماء الرياضيات في القرن العشرين. حُلت العديد من المشكلات منذ ذلك الحين، وكان لكل حل حدث ملحوظ. من بين تلك المتبقية، هي فرضية ريمان، والتي تعد أهم مشكلة لم تُحل في الرياضيات.
وفي عام 1905، ذهبت الجائزة الأولى من جائزة فاركاس بولياي للأكاديمية المجرية للعلوم إلى هنري بوانكاريه، لكنها كانت مصحوبة بترقية خاصة لهيلبرت.
في عام 1905 «ومرة أخرى من عام 1918» حاول هيلبرت إرساء أساس متين للرياضيات من خلال إثبات الاتساق -أي أن الخطوات المحدودة للتفكير في المنطق لا يمكن أن تؤدي إلى تناقض- ولكن في عام 1931 أظهر عالم الرياضيات النمساوي الأمريكي، كورت جودل أن هذا الهدف بعيد المنال، يمكن صياغة افتراضات غير محسومه، وبالتالي، لا يمكن أن نعرف على وجه اليقين أن المسلمات الرياضية لا تؤدي إلى التناقضات. ومع ذلك، كان تطور المنطق بعد هيلبرت مختلفًا، لأنه أعد الأسس الشكلية للرياضيات.
أدى عمل هيلبرت في المعادلات التكاملية في حوالي عام 1909 مباشرة إلى أبحاث القرن العشرين في التحليل الدالي «فرع الرياضيات، حيث تدرس فيه الدوال بشكل معمم». أسس عمله أيضًا الأساس للفضاء لامتناهي الأبعاد، والذي سمي لاحقًا بفضاء هيلبرت، وهو مفهوم مفيد في التحليل الرياضي والميكانيك الكمي. ومن خلال الاستفادة من نتائجه في المعادلات التكاملية، ساهم هيلبرت في تطوير الفيزياء الرياضية من خلال ملاحظاته المهمة حول نظرية الحركة للغاز ونظرية الإشعاعات.
وفي عام 1915 قدم هليبرت مقالة تحتوي على معادلات المجال الصحيحة للنسبية العامة قبل خمسة أيام من إينشتاين. حيث يبدو الفضل الأكبر في التمثيل الرياضي للنسبية العامة لديفد هليبرت، لكن لم يطالب هيلبرت أبدًا بأولوية هذه النظرية.
فارق هيلبرت الحياة في 14 فبراير/شباط عام 1943 في مدينة غوتينغن، عن عمر يناهز 81 عامًا.
المصدر: موقع أخبار العلوم