قصص

حكاية الأحدب والوزير: أسرار العمامة ودهشة القدر في ألف ليلة وليلة..الليلة ٢٢

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن السائس الأحدب لما كلّمه الوزير ظنّ أنه العفريت، فلم يردّ عليه؛ لأنه ظنّ أنه لا يكلّمه إلا العفريت. فصرخ عليه الوزير وقال له: تكلّمْ وإلا أقطع رأسك بهذا السيف. فعند ذلك قال الأحدب: والله يا شيخ العفاريت، من حين جعلتني في هذا الموضع ما رفعتُ رأسي، فبالله عليك أن ترفق بي. فلما سمع الوزير كلام الأحدب قال له: ما تقول؟ فإني أبو العروسة، ما أنا عفريت. فقال: ليس عمري في يدك، ولا تقدر أن تأخذ روحي، فارْحَلْ إلى حال سبيلك قبل أن يأتيك الذي فعل بي هذه الأفعال، فأنتم لا تزوّجونني إلا بمعشوقة الجواميس ومعشوقة العفاريت، فلعن الله من زوّجني بها، ولعن من كان السبب في ذلك.

ثم إن السائس الأحدب صار يحدّث الوزير والد العروسة ويقول: لعن الله من كان السبب في ذلك. فقال له الوزير: قُم واخرج من هذا المكان. فقال له: هل أنا مجنون حتى أروح معك بغير إذن العفريت؟ فإنه قال لي: إذا طلعت الشمس فاخرج واذهب إلى حال سبيلك. فهل طلعت الشمس أو لا؟ فإني لا أقدر أن أطلع من موضعي إلا إن طلعت الشمس.

فعند ذلك قال له الوزير: من أتى بك إلى هذا المكان؟ فقال: إني جئتُ البارحة إلى هنا لأقضي حاجتي وأزيل ضرورتي، وإذا بغبار طلع من وسط الماء وصاح وصار يكبر حتى بقي قدر الجاموسة، وقال لي كلامًا دخل في أذني، فخلّني واذهب، لعن الله العروسة ومن زوّجني بها. فتقدّم إليه الوزير وأخرجه من المرحاض، فخرج وهو يجري، وما صدّق أن الشمس طلعت، وطلع إلى السلطان وأخبره بما اتفق له مع العفريت.

وأما الوزير أبو العروسة فإنه دخل البيت وهو حائر العقل في أمر بنته، فقال: يا بنتي، اكشفي لي عن خبرك؟ فقالت: إن الظريف الذي كنت أنجي عليه بات عندي البارحة، وأزال بكارتي، وعلقت منه، وإن كنتَ لم تصدّقني فهذه عمامته بلفّتها عليّ.

فدخل الوزير المخدع، فوجد عمامة حسن بدر الدين ابن أخيه، ففي الحال أخذها في يده وقلبها، وقال: هذه عمامة وزراء إلا أنها موصلية. ثم نظر إلى حرز مخيط في طربوشه، فأخذه وفتقه، وأخذ اللباس فوجد الكيس الذي فيه ألف دينار، ففتحه فوجد فيه ورقة، فقرأها فوجد مبايعة اليهودي، واسم حسن بدر الدين بن نور الدين المصري، ووجد الألف دينار.

فلما قرأ شمس الدين الورقة صرخ صرخةً، وخر مغشيًا عليه. فلما أفاق وعلم مضمون القصة تعجّب، وقال: لا إله إلا الله القادر على كل شيء. وقال: يا بنتي، هل تعرفين من الذي أخذ وجهك؟ قالت: لا. قال: إنه ابن أخي، وهو ابن عمك، وهذه الألف دينار مهرك، فسبحان الله! فليت شعري كيف اتفقت هذه القضية؟!

ثم فتح الحرز المخيط فوجد فيه ورقة مكتوبًا فيها بخط أخيه نور الدين المصري أبي حسن بدر الدين، فلما نظر خط أخيه أنشد هذين البيتين:

أرى آثارهم فأذوب شوقًا ** وأسْكُبُ في مواطنهم دموعي
وأسأل من بفرقتهم رماني ** يمُنّ عليّ يومًا بالرجوع

فلما فرغ من الشعر قرأ الحرز، فوجد فيه تاريخ زواجه بنت وزير البصرة، وتاريخ دخوله بها، وتاريخ عمره إلى حين وفاته، وتاريخ ولادة ولده حسن بدر الدين، فتعجّب واهتزّ من الطرب، وقابل ما جرى لأخيه على ما جرى له، فوجده سواءً بسواء، وزواجه وزواج الآخر موافقين تاريخًا، ودخولهما بزوجتيهما متوافقًا، وولادة حسن بدر الدين ابن أخيه وولادة بنته ست الحسن متوافقين؛ فأخذ الورقتين وطلع بهما إلى السلطان، وأعلمه بما جرى من أول الأمر إلى آخره، فتعجّب الملك وأمر أن يؤرّخ هذا الأمر في الحال. ثم أقام الوزير ينتظر ابن أخيه، فما وقع له على خبر، فقال: والله لأعملن عملًا ما سبقني إليه أحد.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يمكنك الإعلان هنا
تواصل معنا لوضع إعلانك
يمكنك الإعلان هنا
تواصل معنا لوضع إعلانك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك الإعلان هنا
تواصل معنا لوضع إعلانك
زر الذهاب إلى الأعلى