حكاية الزفاف الملوكي بين نزهة الزمان وشركان.. الليلة ٦٧

زفاف نزهة الزمان إلى الملك شركان
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت لشركان: وكم في هذا الباب من النصائح! وإني لأعجز عن الإتيان لك بجميع ما في هذا الباب في مجلس واحد، ولكن على طول الأيام يا ملك الزمان يكون خيرًا.
فقالت القضاة: «أيها الملك، إن هذه الجارية أعجوبة الزمان، ويتيمة العصر والأوان، فإننا ما رأينا ولا سمعنا بمثلها في زمنٍ من الأزمان».
ثم إنهم دعوا للملك وانصرفوا.
فعند ذلك التفت شركان إلى خدامه، وقال لهم: «اشرعوا في عمل العرس، وهيّئوا الطعام من جميع الألوان».
فامتثلوا أمره في الحال، وهيّأوا جميع الأطعمة، وأمر نساء الأمراء والوزراء وأرباب الدولة ألا ينصرفوا حتى يحضروا الجلاء والعرس.
فما جاء وقت العصر حتى مدّوا السفرة بما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وأكل جميع الناس حتى اكتفوا.
وأمر الملك أن تُحضَر كل مغنية في دمشق فحضرن، وكذلك جواري الملك اللواتي يعرفن الغناء، وطلع جميعهن إلى القصر.
فلما أتى المساء وأظلم الظلام، أوقدوا الشموع من باب القلعة إلى باب القصر يمينًا وشمالًا. ومشى الأمراء والوزراء والكبراء بين يدي الملك شركان.
وأخذت المواشط الصبية لتزيينها وتلبيسها، فرأينها لا تحتاج إلى زينة.
وكان الملك شركان قد دخل الحمّام، فلما خرج جلس على المنصّة، وجيء بالعرروس إليه، ثم خفّفوا عنها ثيابها، وأوصوها بما تُوصى به البنت ليلة الزفاف.
ودخل عليها شركان، وأخذ وجهها، وعلقت منه في تلك الليلة، وأعلمته بذلك، ففرح فرحًا شديدًا، وأمر الحكماء أن يكتبوا تاريخ الحمل.
فلما أصبح جلس على الكرسي، وطلع له أرباب دولته وهنّؤوه.
وأحضر كاتب سره وأمره أن يكتب كتابًا لوالده عمر النعمان بأنه اشترى جارية ذات علمٍ وأدب، قد حوت فنون الحكمة، وأنه لا بد من إرسالها إلى بغداد لتزور أخاه ضوء المكان وأخته نزهة الزمان، وأنه أعتقها وكتب كتابه عليها ودخل بها وحملت منه.
ثم ختم الكتاب وأرسله إلى أبيه صحبة بريد، فغاب ذلك البريد شهرًا كاملًا، ثم رجع إليه بالجواب، وناوله إياه، فأخذه وقرأه، فإذا فيه بعد البسملة:
«هذا من عند الحائر الولهان، الذي فقد الولدان، وهجر الأوطان، الملك عمر النعمان، إلى ولده شركان.
اعلم أنه بعد مسيرك من عندي ضاق عليّ المكان، حتى لا أستطيع صبرًا، ولا أقدر أن أكتم سرًا.
وسبب ذلك أني ذهبت إلى الصيد والقنص، وكان ضوء المكان قد طلب مني الذهاب إلى الحجاز، فخِفت عليه من نوائب الزمان، ومنعته من السفر إلى العام الثاني أو الثالث.
فلما ذهبتُ إلى الصيد والقنص غِبتُ شهرًا».
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.



