قصص

حيلة الوزير ومكيدة الساحر: من حكايات العهود الغابرة..الليلة ٣١

 

الحكاية الثانية والثالثة من أخبار الإخوة الثلاثة

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أخا المزين لما قالت له العجوز: “قم واخلع ثيابك”، قام وهو غائب عن الوعي، فخلع ثيابه وصار عريانًا.
فقالت الجارية لأخي: “قُم الآن، واتبعني، فإن كنت تريد شيئًا فاتبعني.”
فجرت أمامه وتبعها، وجعلت تدخل من مكان إلى مكان، وتخرج من موضع إلى آخر، وأخي وراءها، وقد غلب عليه الشوق، وذهب عنه الرشد، ولم تزل تجري أمامه وهو يجري وراءها، حتى سمع منها صوتًا رقيقًا، فبينما هو كذلك إذ وجد نفسه في وسط زقاق، وذلك الزقاق في سوق الجلادين، وهم ينادون على الجلود.

فرآه الناس على تلك الحالة وهو عريان، محلوق الذقن والحاجبين والشاربين، محمرّ الوجه، فصاحوا عليه وضحكوا منه وقهقهوا، وصار بعضهم يصفعه بالجلود وهو على تلك الحال حتى غُشي عليه.
فحملوه على حمار حتى أوصلوه إلى الوالي، فقال الوالي: “ما هذا؟”
قالوا: “هذا خرج إلينا من بيت الوزير وهو على هذه الحالة.”

فأمر الوالي بضربه مائة سوط تأديبًا له.
ثم خرجت أنا خلفه وجئت به، وأدخلته المدينة سرًا، ثم رتبت له ما يقتات به، وقلت: “لولا مروءتي ما كنت أحتمل مثله.”

حكاية الأخ الثالث

وأما أخي الثالث فاسمه “بقبق”، ساقه القضاء والقدر إلى دارٍ كبيرة، فدقّ الباب طمعًا في أن يكلّمه صاحبها فيمنحه شيئًا.
فقال صاحب الدار: “من بالباب؟”
فلم يجبه أحد.
ثم سمعه أخي يقول بصوتٍ عالٍ: “من هذا؟” فلم يجبه أيضًا.
وسمع مشيه حتى وصل إلى الباب وفتحه، فقال له: “ما تريد؟”
قال له أخي: “شيئًا لله تعالى.”
فقال له: “هل أنت ضرير؟”
قال: “نعم.”
فقال له: “ناولني يدك.”

فناوله يده، فأدخله الدار، ولم يزل يصعد به من سلمٍ إلى سلمٍ حتى وصل إلى أعلى السطوح، وأخي يظن أنه سيطعمه أو يعطيه شيئًا.
فلما انتهى إلى أعلى مكان قال له: “ما تريد يا ضرير؟”
قال: “أريد شيئًا لله تعالى.”
فقال له: “يفتح الله عليك.”

فقال له أخي: “يا هذا، أما كنت تقول لي ذلك وأنا في الأسفل؟”
فقال له: “يا أسفل السفلة! لم تسألني شيئًا لله حين سمعت كلامي أول مرة وأنت تدق الباب.”
فقال أخي: “وفي هذه الساعة ماذا تريد أن تصنع بي؟”
فقال له: “ما عندي شيء حتى أعطيك إياه.”
فقال له أخي: “أنزل بي إلى السلالم.”
فقال له: “الطريق بين يديك.”

فقام أخي واستقبل السلالم، وما زال نازلًا حتى بقي بينه وبين الباب عشرون درجة، فزلّت رجله فوقَع، ولم يزل منحدرًا في السلالم حتى انشجّ رأسه، فخرج لا يدري أين يذهب.
فلحقه بعض رفقائه من العميان، فقالوا له: “أي شيء حصل لك في هذا اليوم؟”
فحدثهم بما وقع له، ثم قال لهم: “يا إخواني، أريد أن آخذ شيئًا من الدراهم التي بقيت معنا، وأنفق منه على نفسي.”

وكان صاحب الدار ما زال خلفه ليتعرّف حاله، فسمع كلامه، وأخي لا يدري أن الرجل يتبعه.

 

يسعى خلفه إلى أن دخل أخي مكانه، ودخل الرجل خلفه وهو لا يشعر به، وقعد أخي ينتظر رفقاءه، فلما دخلوا عليه قال لهم:
“أغلقوا الباب، وفتشوا البيت كي لا يكون أحدٌ غريبٌ تبعنا.”

فلما سمع الرجل كلام أخي، قام وتعلّق بحبلٍ كان في السقف. فطافوا البيت جميعه فلم يجدوا أحدًا، ثم رجعوا وجلسوا إلى جانب أخي، وأخرجوا الدراهم التي معهم وعدّوها، فإذا هي عشرة آلاف درهم، فتركوها في زاوية البيت، وأخذ كل واحدٍ منهم ما يحتاج إليه مما زاد عنها، ودفنوا العشرة آلاف درهم في التراب.

ثم قدّموا بين أيديهم شيئًا من الأكل، وقعدوا يأكلون، فأحسّ أخي بصوتٍ غريبٍ في جهته، فقال لأصحابه:
“هل معنا غريب؟”

ثم مدّ يده فتعلّقت بيد الرجل صاحب الدار، فصاح على رفقائه وقال:
“هذا غريب!”

فوقعوا فيه ضربًا، فلما طال عليهم ذلك صاحوا:
“يا مسلمين! دخل علينا لصٌّ يريد أن يأخذ مالنا!”

فاجتمع عليهم خلقٌ كثير، فتعامى الرجل الغريب صاحب الدار الذي ادُّعي عليه أنه لص، وأغمض عينيه وأظهر أنه أعمى مثلهم، بحيث لا يشكّ فيه أحد، وصاح قائلًا:
“يا مسلمين! أنا بالله والسلطان، أنا بالله والوالي، أنا بالله والأمير، فإن عندي نصيحةً للأمير!”

فلم يشعروا إلا وقد احتاط بهم جماعة الوالي، فأخذوهم وأخي معهم، وأحضروهم بين يديه.
فقال الوالي:
“ما خبركم؟”

فقال ذلك الرجل:
“اسمع كلامي أيها الوالي، لا تظهر لك حقيقة حالنا إلا بالعقوبة، وإن شئت فابدأ بعقوبتي قبل رفقائي.”

فقال الوالي:
“اطرحوا هذا الرجل واضربوه بالسياط.”

فطرحوه وضربوه، فلما أوجعه الضرب فتح إحدى عينيه، فلما ازداد عليه الضرب فتح عينه الأخرى.
فقال له الوالي:
“ما هذه الفعال يا فاجر؟”

فقال:
“أعطني الأمان وأنا أخبرك.”

فأعطاه الوالي الأمان، فقال الرجل:
“نحن أربعةٌ نعمل أنفسنا عميانًا، ونمرّ على الناس، وندخل البيوت، وننظر النساء، ونحتال في فسادهن واكتساب الأموال من طرفهن، وقد حصلنا من ذلك على مكسبٍ عظيم، وهو عشرة آلاف درهم، فقلت لرفقائي: أعطوني حقي، ألفين وخمسمائة درهم، فقاموا وضربوني وأخذوا مالي، وأنا مستجير بالله وبك، وأنت أحقّ بحصتي من رفقائي. وإن شئت أن تعرف صدق قولي، فاضرب كل واحدٍ أكثر مما ضربتني، فإنه يفتح عينيه.”

فعند ذلك أمر الوالي بعقوبتهم، وأول ما بدأ بأخي، ولا زالوا يضربونه حتى كاد أن يموت، ثم قال لهم الوالي:
“يا فسقة! أتجحدون نعمة الله وتدّعون أنكم عميان؟”

فقال أخي:
“الله الله الله، ما فينا بصير!”

فطرحوه إلى الضرب ثانية، ولم يزالوا يضربونه حتى غُشي عليه.
فقال الوالي:
“دعوه حتى يفيق، وأعيدوا عليه الضرب ثالث مرة.”

ثم أمر بضرب أصحابه، كل واحدٍ أكثر من ثلاثمائة عصا، والبصير يقول لهم:
“افتحوا عيونكم، وإلا جدّدوا عليكم الضرب!”

ثم قال للوالي:
“ابعث معي من يأتيك بالمال، فإن هؤلاء ما يفتحون أعينهم، ويخافون من فضيحتهم بين الناس.”

فبعث الوالي معه من أتى له بالمال، فأخذه وأعطى الرجل منه ألفين وخمسمائة درهم على قدر حصته رغمًا عنهم، ونفى أخي وباقي الثلاثة خارج المدينة.

فخرجتُ أنا يا أمير المؤمنين ولحقت بأخي، وسألته عن حاله، فأخبرني بما ذكرته لك، فأدخلته المدينة سرًّا، ورتّبت له ما يأكل وما يشرب طول عمره.

فضحك الخليفة من حكايتي، وقال:
“صلّوه بجائزةٍ، ودعوه ينصرف.”

فقلت له:
“والله ما آخذ شيئًا حتى أبيّن لأمير المؤمنين ما جرى لبقية إخوتي، وأوضح له أني قليل الكلام.”

فقال الخليفة:
“اصدع آذاننا بخرافة خبرك، وزدنا من عجرك وبجرك.”

 

حكاية الأعور الأخ الرابع

فقلت: وأما أخي الرابع يا أمير المؤمنين، وهو الأعور، فإنه كان جزّارًا ببغداد يبيع اللحم ويربّي الخرفان، وكانت الكبار وأصحاب الأموال يقصدونه ويشترون منه اللحم، فاكتسب من ذلك مالًا عظيمًا، واقتنى الدواب والدور، ثم أقام على ذلك زمنًا طويلًا.

فبينما هو في دكانه يومًا من الأيام، إذ وقف عليه شيخ كبير اللحية، فدفع له دراهم وقال: «أعطني بها لحمًا». فأخذ منه الدراهم، وأعطاه اللحم وانصرف. فتأمّل أخي في فضة الشيخ، فرأى دراهمه بيضًا بياضها ساطع، فعزلها وحدها في ناحية.

وأقام الشيخ يتردد عليه خمسة أشهر، وأخي يطرح دراهمه في صندوق وحدها، ثم أراد أن يخرجها ويشتري غنمًا، فلما فتح الصندوق رأى جميع ما فيه ورقًا أبيض مقصوصًا، فلطم وجهه وصاح، فاجتمع الناس عليه، فحدّثهم بحديثه، فتعجبوا منه.

ثم رجع أخي إلى الدكان على عادته، فذبح كبشًا وعلّقه داخل الدكان، وقطع لحمًا وعلّقه خارج الدكان، وصار يقول في نفسه: «لعلّ ذلك الشيخ يجيء فأقبض عليه». فما كان إلا ساعة حتى أقبل الشيخ ومعه الفضة، فقام أخي وتعلّق به، وصار يصيح: «يا مسلمون! الحقوني واسمعوا قصتي مع هذا الفاجر!»

فلما سمع الشيخ كلامه قال له: «أيّ شيء أحبّ إليك؟ أن تعرض عن فضيحتي، أم أفضحك بين الناس؟»
فقال له أخي: «بأي شيء تفضحني؟»
قال: «بأنك تبيع لحم الناس في صورة لحم الغنم!»
فقال له أخي: «كذبتَ يا ملعون!»
فقال الشيخ: «ما ملعون إلا الذي عنده رجل معلّق في الدكان!»

فقال له أخي: «إن كان الأمر كما ذكرت، فمالي ودمي حلال لك.»
فقال الشيخ: «يا معشر الناس، إن هذا الجزّار يذبح الآدميين، ويبيع لحمهم في صورة لحم الغنم! وإن أردتم أن تعلموا صدق قولي، فادخلوا دكانه!»

فهجم الناس على دكان أخي، فرأوا ذلك الكبش صار إنسانًا معلّقًا، فلما رأوا ذلك تعلّقوا بأخي وصاحوا عليه: «يا كافر! يا فاجر!» وصار أعزّ الناس إليه يضربه، ولطمه الشيخ على عينه فقلعها.

ثم حمل الناس ذلك المذبوح إلى صاحب الشرطة، فقال له الشيخ: «أيها الأمير، إن هذا الرجل يذبح الناس، ويبيع لحمهم على أنه لحم غنم، وقد أتينا به، فقم واقضِ حق الله عز وجل!»

فدافع أخي عن نفسه، فلم يسمع منه صاحب الشرطة، بل أمر بضربه خمسمائة عصا، وأخذوا جميع ماله، ولولا كثرة ماله لقتلوه. ثم نفوه من المدينة، فخرج هائمًا لا يدري أين يتوجه، حتى دخل مدينة كبيرة، واستحسن أن يعمل إسكافيًّا، ففتح دكانًا، وقعد يعمل شيئًا يتقوّت منه.

فخرج ذات يوم في حاجة، فسمع صهيل خيل، فبحث عن سبب ذلك، فقيل له: «إن الملك خارج إلى الصيد والقنص». فخرج أخي ليتفرّج على الموكب، وهو يتعجب من حسن رأيه، حيث انتقل إلى صنعة الأسكفة.

فالتفت الملك، فوقعت عينه على عين أخي، فأطرق رأسه وقال: «أعوذ بالله من شر هذا اليوم!» وثنّى عنان فرسه وانصرف راجعًا، فرجع جميع العسكر.

وأمر الملك غلمانه أن يلحقوا بأخي ويضربوه، فلحقوا به وضربوه ضربًا موجعًا حتى كاد أن يموت، ولم يدرِ أخي ما السبب. فرجع إلى موضعه وهو في حالة العدم، ثم مضى إلى إنسان من حاشية الملك، وقصّ عليه ما وقع له، فضحك الرجل حتى استلقى على قفاه، وقال له:

«يا أخي، اعلم أن الملك لا يطيق أن ينظر إلى أعور، لا سيّما إن كان العور شمالًا، فإنه لا يرجع عن قتله!»

 

فلما سمع أخي ذلك الكلام عزم على الهروب من تلك المدينة، ثم ارتحل منها وتحول إلى مدينة أخرى لم يكن فيها ملك، وأقام بها زمنًا طويلًا. ثم بعد ذلك تفكّر في أمره، وخرج يومًا ليتفرّج، فسمع صهيل خيل خلفه، فقال: جاء أمر الله. وفرّ يطلب موضعًا ليستتر فيه، فلم يجد، ثم نظر فرأى بابًا منصوبًا، فدفع ذلك الباب فدخل، فرأى دهليزًا طويلًا، فاستمر داخلًا فيه، فلم يشعر إلا ورجلان قد تعلّقا به، وقالا له: الحمد لله الذي مكّننا منك يا عدو الله، هذه ثلاث ليالٍ ما أَرَحتَنا، ولا تركتَنا ننام، ولا يستقر لنا مضجع، بل أذقتنا طعم الموت.

فقال أخي: يا قوم، ما أمركم؟ فقالوا: أنت تراقبنا، وتريد أن تفضحنا وتفضح صاحب البيت، أما يكفيك أنك أفقرته وأفقرْتَ أصحابك؟ ولكن أخرج لنا السكين التي تهددنا بها كل ليلة. ففتشوه فوجدوا في وسطه السكين التي يقطع بها النعال، فقال: يا قوم، اتقوا الله في أمري، واعلموا أن حديثي عجيب. فقالوا: وما حديثك؟ فحدثهم بحديثه طمعًا أن يطلقوه، فلم يسمعوا منه ما قال، ولم يلتفتوا إليه، بل ضربوه ومزّقوا ثوبه، فلما تمزّقت أثوابه وانكشف بدنه، وجدوا أثر الضرب بالمقارع على جنبيه، فقالوا له: يا ملعون، هذا أثر الضرب يشهد على جرمك.

ثم أحضروا أخي بين يدي الوالي، فقال في نفسه: قد وقعتُ بذنبي، وما يخلصني إلا الله تعالى. فلما حضر بين يدي الوالي قال له: يا فاجر، ما حملك على أن ضُربتَ بالمقارع إلا جرم عظيم. ثم ضرب أخي مائة سوط، ثم حملوه على جمل ونادوا عليه: هذا جزاء من يهجم على بيوت الناس.

فلما سمعتُ به خرجتُ إليه، ولا زلتُ دائرة معه وهم ينادون عليه حتى تركوه، فأتيتُ إليه وأخذته، وأدخلته المدينة سرًّا، ورتبتُ له ما يأكل وما يشرب.

حكاية الأخ الخامس
وأما أخي الخامس، فإنه كان مقطوع الأذنين يا أمير المؤمنين، وكان رجلًا فقيرًا يسأل الناس ليلًا، وينفق ما يحصل عليه بالسؤال نهارًا. وكان والدُنا شيخًا كبيرًا طاعنًا في السن، فخلّف لنا سبعمائة درهم، فأخذ كل واحد منا مائة درهم.

وأما أخي الخامس هذا، فإنه لما أخذ حصته تحيّر ولم يدرِ ما يصنع بها، فبينما هو كذلك إذ وقع في خاطره أن يأخذ بها زجاجًا من كل نوع ليتّجر به ويربح. فاشترى بالمائة درهم زجاجًا، وجعله في طبق كبير، وقعد في موضع ليبيع ذلك الزجاج، وبجانبه حائط، فأسند ظهره إليه، وقعد متفكرًا في نفسه، وقال: إن رأس مالي في هذا الزجاج مائة درهم، وأنا أبيعه بمائتي درهم، ثم أشتري بالمائتين زجاجًا، وأبيعه بأربعمائة درهم، ولا أزال أبيع وأشتري إلى أن يبقى معي مال كثير، فأشتري به من جميع المتاجر والعطريات حتى أربح ربحًا عظيمًا.

وبعد ذلك أشتري دارًا حسنة، وأشتري المماليك والخيل والسروج المذهبة، وآكل وأشرب، ولا أبقي مغنية في المدينة حتى أجيء بها إلى بيتي وأسمع مغانيها.

هذا كله وهو يحسب في نفسه، وقَفَص الزجاج قدّامه. ثم قال: وأبعث جميع الخاطبات في خطبة بنات الملوك والوزراء، وأخطب بنت الوزير، فقد بلغني أنها كاملة الحسن، بديعة الجمال، وأمهرها بألف دينار. فإن رضي أبوها حصل المراد، وإن لم يرضَ أخذتها قهرًا على رغم أنفه. فإن حصلت في داري اشتريت عشرة خُدّام صغار، ثم أشتري لي كسوة الملوك والسلاطين، وأصوغ لي سرجًا من الذهب مرصّعًا بالجواهر، ثم أركب ومعي المماليك يمشون حولي وقدّامي وخلفي، حتى إذا رآني الوزير قام إجلالًا لي، وأقعدني مكاني، ويقعد هو دوني لأنه صهري.

ويكون معي خادمان بكيسين في كل كيس ألف دينار، فأعطيه ألفَ دينار مهرَ بنته، وأهدي إليه الألفَ الثاني إنعامًا، حتى أُظهر له مروءتي وكرمي وصِغَر الدنيا في عيني. ثم أنصرف إلى داري، فإذا جاء أحد من جهة امرأتي، وهبتُ له دراهم وخلعت عليه خلعة، وإن أرسل إليّ الوزير هدية رددتُها عليه، ولو كانت نفيسة، ولم أقبلها منه حتى يعلم أني عزيز النفس، ولا أخاطب نفسي إلا في أعلى مكانة.

ثم أقدم إليهم في إصلاح شأني وتعظيمي، فإذا فعلوا ذلك أمرتهم بزفافها. ثم أصلح داري إصلاحًا بيِّنًا، فإذا جاء وقت الجلاء لبست أفخر ثيابي، وقعدت على مرتبة من الديباج، لا ألتفت يمينًا ولا شمالًا لكِبر عقلي ورزانة فهمي.

وتجيء امرأتي وهي كالبدر في حليها وحللها، وأنا لا أنظر إليها عجبًا وتيهًا حتى يقول جميع من حضر: يا سيدي، امرأتك وجاريتك قائمة بين يديك، فأنعم عليها بالنظر، فقد أُذِنَ لها بالقيام. ثم يقبّلون الأرض قدامي مرارًا، فعند ذلك أرفع رأسي، وأنظر إليها نظرة واحدة، ثم أطرق برأسي إلى الأرض، فيمضون بها، وأقوم أنا وأغيّر ثيابي، وألبس أحسن مما كان عليّ، فإذا جاءوا بالعروسة المرة الثانية لا أنظر إليها حتى يسألوني مرارًا، فأنظر إليها، ثم أطرق إلى الأرض، ولا أزال كذلك حتى يتم جلاؤها.

وأدركت شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

يمكنك الإعلان هنا
تواصل معنا لوضع إعلانك
يمكنك الإعلان هنا
تواصل معنا لوضع إعلانك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك الإعلان هنا
تواصل معنا لوضع إعلانك
زر الذهاب إلى الأعلى