رجال نزلوا في قصر السلطان
في يوم من الأيام نزل إلى قصر الملك ثلاثة رجال حكماء، حضر مساعد الملك، وأخبر الملك أنّ هناك ثلاثة رجال حكماء يرغبون بمقابلته، قال له الملك إنّه يتوجب عليه إحسان ضيافتهم وتحضير ما لذّ وطاب من الطعام، إلى جانب توفير المكان الملائم لإقامتهم، وعندما استراح الحكماء الثلاثة طلب الملك رؤيتهم في المساء، وحضروا بين يديه وطلبوا من الملك مقابله الرجل الأكثر حكمة في مدينتهم. صمت الملك ولم يعرف ماذا يقول لهم، لأنه لا يعرف حكيمًا واحدًا في مدينته، ولكن مساعد الملك استدرك الأمر وقال لهم: نعم، هناك حكيم واحد في مدينتنا، ولكنه اضطر للسفر إلى مكان ما. انتظر الحكماء الثلاثة عودة الحكيم وظلوا يسألون عنه كل يوم؛ حيث شعر مُساعد الملك بالإحراج لأنه لا حكيم في مدينتهم، وإنما قال ما قاله كي لا يتسبّب للملك بالإحراج، وذات يوم بينما كان مساعد الملك يشعر بالحيرة، حضر رجل إلى القصر وأخبر مساعد الملك أن هناك رجلًا باعه حماره ثلاث مرات، وكان قد دفع له النقود ثلاث مرات ليشتري الحمار نفسه.
تعجّبَ مساعد الملك ممّا قاله الرجل، وقال له: من هو جارك؟ فأخبره أنّ اسمه جحا، فأرسلَ في طلب جحا، وسأله عمّا فعل، فقال له: إنّ الحمار هو الذي كان يعود في كل مرة ويقول لجحا لا أريد أن أبتعد عنك، سأل مساعد الملك جحا: وهل يتكلم الحمار قال جحا نعم وأنا أفهم لغة الحمير. أخبر مساعد الملك جحا أنه يتوجب عليه أن يحضر في اليوم التالي صباحًا، وفي حال لم يحضر سيضعه في السجن ويقطع رأسه، قال جحا: لمساعد الملك: نعم سأحضر غدًا إن شاء الله، وعندما حضر جحا في اليوم التالي أخبره مساعد الملك أنه سيدخله على الملك، وأن هناك ثلاثة رجال حكماء وأنه سيكون حكيمَ هذه المدينة، وأنّ عليه أن يجيب على أي سؤال يتم طرحه من قِبَل الحكماء الثلاثة، وأنه سيحبسه ويقطع رأسه إن لم يتمكن من الإجابة، قال جحا لمساعد الملك: حسنًا، سأحاول الإجابة عن كل ما يسأله الحكماء الثلاثة.
مركز الكرة الأرضية:
دخل جحا إلى الملك وقرّر الحكماء الثلاثة أن يسألوا جحا كلّ واحد منهم سؤالًا واحدًا كي لا يعرضوا أنفسهم للإحراج، وقف الحكيم الأول وسأل جحا: أين يقع مركز الكرة الأرضية؟ أجابه جحا الحكيم: أنه يقع عند قدمي حماره، فقال له الحكيم: وما دليلك على ذلك؟ ردّ جحا بأن عليه أن يحفر حتى يتأكد من صدق كلامه! سكت الحكيم، وعرف أنه أمام داهية لا يمكن الوقوف أمامها.
وقف الحكيم الثاني ووجّه لجحا السؤال الثاني، وسأله عن عدد النجوم في السماء، فقال جحا للحكيم: إنّ عدد النجوم في السماء هو نفسه عدد الشعر على جسم حماري، ردّ الحكيم: وكيف عرفت ذلك؟ قال جحا: إن لم تُصدّقني فقم بِعدّ شعر الحمار، قال له الحكيم: وهل يعقل أن أعدّ شعر حمارك؟ أجابه جحا: وهل يُعقل أن أعدّ النجوم في السماء؟ تبادل الحكماء النظرات وعلموا أنّهم أمام داهية حكيم، وجاء دور الحكيم الثالث، فسأل جحا عن عدد الشعر في رأسه، فأخبرهم جحا أنّ عدد الشعر في رأسه مساوٍ لعدد الشعر في ذيل الحمار، قال له الحكيم: وكيف سنقوم بعدّ الشعر؟ قال له جحا: سننزع شعره من رأسك وشعره من ذيل الحمار، وهكذا إلى أن ينتهي جميع الشعر، عندها سنعرف عدد شعرك عندما تصبح أصلعاً.
من الرجل الحكيم والذكي؟ خلاصة القول إنّ جحا الذي استطاع الإجابة على الأسئلة كافة، وجعل الجميع ينبهرون بذكائه وحجته؛ إذ أجاب على الأسئلة كافة دون تردد، وجعل الجميع يضحكون على حنكته وذكائه، وفي ذلك نستنتج أنّ اختيار مساعد الملك له كان صائبًا.