رواية “Me Before You” – جوجو مويس: عندما تُعيدنا الحياة إلى خيار الحب أو الحرية

نبذة تعريفية عن الرواية
“Me Before You” أو “أنا قبلك” هي رواية رومانسية مؤثرة من تأليف الكاتبة البريطانية جوجو مويس (Jojo Moyes)، صدرت لأول مرة في عام 2012 باللغة الإنجليزية، وحققت نجاحًا عالميًا ساحقًا، جعلها إحدى أبرز روايات العقد. تنتمي الرواية إلى تصنيف الدراما الرومانسية، مع لمسات فلسفية ونفسية عميقة حول الحب، الإرادة، والكرامة الإنسانية.
نُشرت الرواية من قبل دار Michael Joseph التابعة لدار النشر العملاقة Penguin Books. تُرجمت إلى أكثر من 40 لغة، وباعت أكثر من 14 مليون نسخة حول العالم، ودخلت قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز لعدة أشهر متتالية.
الرواية هي الجزء الأول من ثلاثية تشمل أيضًا “After You” و”Still Me”، وقد أثارت جدلاً واسعًا لما تحمله من قضايا حساسة تمس قرارات الحياة والموت، والعلاقات العاطفية غير المتوقعة.
القصة: حيث يلتقي عالمان مختلفان
بداية غير متوقعة
في بلدة إنجليزية صغيرة، تعيش “لويزا كلارك”، فتاة في منتصف العشرينات من عمرها، بشخصية مشرقة، وملابس ملونة لافتة، لكنها دون طموحات كبيرة. تعمل في مقهى محلي وتعيش مع أسرتها المتواضعة، لا تبحث عن أكثر من الرضا بالحياة كما هي. لكن عندما يُغلق المقهى، تجد نفسها مضطرة للبحث عن عمل، ليُعرض عليها وظيفة غير متوقعة: مساعدة رجل مقعد في قصر ثري قريب.
الرجل هو ويليام ترينور، شاب ثلاثيني وسيم وناجح، لكنه أصبح رباعي الشلل إثر حادث دراجة نارية قبل عامين. لم يكن ويليام مجرد مريض بحاجة إلى رعاية، بل روح محطمة اختارت العزلة والبرود، مع نظرة ساخرة للحياة التي سُلبت منه.
اللقاء الأول
دخلت “لوي” القصر وهي تتوقع وظيفة مملة، لكنها فوجئت بشخص غامض، حاد المزاج، ساخر النظرات. لم يكن ويليام يحب من حوله، ولم يكن يرغب في أي تعاطف. منذ اللحظة الأولى، بدا التوتر واضحًا بينهما. لكن “لوي” لم تكن كغيرها، بفضولها الغريب وروحها المرحة، بدأت تخترق قشرة الرفض التي تحيط به.
تغير بطيء… لكنه حتمي
يوماً بعد يوم، بدأ “ويل” يلاحظ أن “لوي” ليست مجرّد عاملة مؤقتة، بل شابة ذات روح بريئة، تسعى لنشر الفرح حولها. ورغم أن مرضه جعله قاسي الطباع، إلا أنه وجد في حديثها العفوي وملابسها الغريبة متنفسًا جديدًا. بدأ يشاركها في النقاش، يضحك قليلًا، ويخرج من قوقعته السوداء.
أما “لوي”، فقد بدأت تراه إنسانًا ذا عقل لامع وذوق رفيع، رجلًا عرف النجاح ثم سُلب منه فجأة. شعرت أن مهمتها لم تعد مجرد رعاية، بل إعادة الحياة لرجل قرر أن يتوقف عن العيش.
الصدمة: قرار الموت
في لحظة مفاجئة، تعلم “لوي” من عائلة “ويل” أنه قد قرر الذهاب إلى مركز للقتل الرحيم في سويسرا، وحدد موعدًا لذلك بعد ستة أشهر. كانوا يأملون أن وجود “لوي” قد يغيّر رأيه، لكنها لم تكن تعرف أن وظيفتها تحمل هذا العبء الثقيل.
صُدمت “لوي” وبكت بحرقة. لكنها لم تستسلم. قررت أن تصمم له جدولًا للأنشطة والرحلات التي تُظهر له جمال الحياة: من عروض السينما إلى حفلات الموسيقى، وحتى رحلات بالكرسي المتحرك إلى البحر.
وفي كل خطوة، كانت تقترب منه أكثر، حتى تحوّل الحنان إلى حب حقيقي، عميق، غير معلن أحيانًا، لكنه محسوس بكل التفاصيل.
الذروة: الحب لا يكفي أحيانًا
رغم أن “ويل” أحبها أيضًا، وأدرك أنها السبب الوحيد في سعادته الأخيرة، فإنه لم يغيّر قراره. كان يرى أن الحياة في جسد لا يملكه ليست حياة. قال لها:
“أحببتك، لوي… بعمق لم أتخيله. لكن هذا لا يكفي لأبقى سجينا في جسد لا يشعر، لا يتحرك، لا يملك شيئًا.”
حاولت “لوي” أن تقنعه أن الحب كافٍ، أن الحياة يمكن أن تكون جميلة، لكنه كان قد اختار طريقه. في مشهد وداع مؤلم في سويسرا، جلسا معًا، تبادلا النظرات، والدموع، والكلمات الأخيرة.
النهاية: ولادة جديدة
رحل “ويل” بقراره، وترك لها إرثًا غير متوقع: رسالة مليئة بالمحبة، وبعض المال، وأمل جديد في الحياة. شجعها على السفر، والدراسة، والخروج من البلدة الصغيرة. أراد لها أن تعيش الحياة بكل طاقتها، بعد أن علّمها هو قيمة كل لحظة.
اختتمت الرواية بلقطة مؤثرة، حيث تجلس “لوي” في مقهى في باريس، تقرأ رسالته، وتبتسم وسط الحزن. فقد اختار الرحيل، لكنها اختارت أن تحيا.
الأعمال الفنية المقتبسة عن الرواية
فيلم “Me Before You” (2016)
- تاريخ الإصدار: 3 يونيو 2016
- المخرج: ثيا شاروك (Thea Sharrock)
- السيناريو: جوجو مويس (نفس مؤلفة الرواية)
- بطولة:
- إميليا كلارك (Emilia Clarke) بدور “لويزا كلارك”
- سام كلافلن (Sam Claflin) بدور “ويليام ترينور”
- جانيت مكنير (Janet McTeer) وماثيو لويس (Matthew Lewis)
التقييمات:
- IMDb: 7.4/10
- Rotten Tomatoes:
- تقييم النقاد: 54%
- تقييم الجمهور: 73%
التحليل: الأصداء والتأثير
لاقى الفيلم إقبالاً جماهيريًا كبيرًا، وحقق أكثر من 208 مليون دولار أمريكي عالميًا، مقابل ميزانية إنتاج بلغت حوالي 20 مليون فقط.
نجحت إميليا كلارك في تقديم شخصية “لوي” بشكل لافت، بتعابير وجهها المليئة بالحياة، وملابسها الغريبة، بينما جسد سام كلافلن دور “ويل” برقي وواقعية.
لكن الفيلم لم يَخلُ من الجدل؛ فقد وُجهت إليه انتقادات تتعلق بتصوير الإعاقة وكأنها حياة لا تستحق العيش، مما أثار اعتراض بعض المنظمات الحقوقية.
ومع ذلك، أعاد الفيلم إحياء الرواية، ورفع من مبيعاتها عالميًا، وأدخلها ضمن الثقافة الشعبية بعبارات مؤثرة مثل:
“عيشِي جيدًا يا لويزا… عيشِي”
وخلق موجة من النقاشات حول القضايا الأخلاقية المرتبطة بالقتل الرحيم والحب غير المشروط.
خلاصة
رواية “Me Before You” ليست مجرد قصة حب، بل رحلة داخل النفس البشرية. تسائلنا الرواية: هل الحب وحده قادر على تغيير المصير؟ هل للإنسان الحق في اختيار نهايته؟ وهل من الممكن أن يكون الفقد هو بداية الحياة الحقيقية؟
قد تكون النهاية حزينة، لكنها كانت صادقة. ومع كل دمعة سقطت، تركت الرواية أثراً يصعب نسيانه، ودرست الحياة من منظور إنساني عميق، حيث يتقاطع الحب مع الألم، والأمل مع الفقد.