سير

سعيد بن المسيب.. فقيه المدينة وسيد التابعين

المقدمة

يُعدُّ سعيد بن المسيب أحد كبار التابعين وأبرز فقهاء المدينة في القرن الأول الهجري، وهو من الشخصيات التي أثرت في الفقه الإسلامي وعُرفت بالعلم والتقوى والاستقلالية في الرأي. تميز بشدة ورعه وزهده، وكان من أوثق رواة الحديث، مما جعله يُلقب بـ”سيد التابعين”.

 

نشأته ونسبه

وُلد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي في عام 15 هـ تقريبًا، في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ونشأ في المدينة المنورة. كان والده من الصحابة الذين شهدوا بيعة الرضوان، وربّاه على حب العلم والتدين.

 

طلبه للعلم

نشأ سعيد في بيئة علمية بالمدينة، فحرص على طلب العلم منذ صغره، ولازم كبار الصحابة مثل عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة الذي زوّجه ابنته لعلمه وورعه. كان يُعرف بقوة حفظه ودقته في الرواية، وكان يُقدم الفتوى في المسجد النبوي، فصار من أئمة التابعين في الفقه والحديث.

 

مكانته العلمية

كان سعيد بن المسيب يُعدُّ من أوثق العلماء في زمانه، وأصبح أحد “الفقهاء السبعة” الذين كانوا مرجعًا في الفقه بالمدينة المنورة. عُرف بالدقة في الحديث فلم يكن يروي إلا عن الثقات، وكان يقول: “إن كنت لأسمع الحديث من الرجل، فلا أرضى به حتى أشهد عليه خمسين مرة.”

 

زهده واستقلاله في الرأي

كان سعيد بن المسيب من أشد الناس ورعًا وزهدًا، وكان يرفض التودد إلى الخلفاء وأصحاب السلطة. عُرض عليه الزواج من ابنة الخليفة عبد الملك بن مروان فرفض، وزوّج ابنته من أحد طلابه الفقراء، مما يدل على تمسكه بمبادئه.

 

موقفه من السلطة

لم يكن سعيد بن المسيب يخشى في الله لومة لائم، فكان يعارض الظلم ولو صدر من الحكام. رفض مبايعة الوليد بن عبد الملك في حياة أبيه عبد الملك، مما عرضه للضرب والسجن، لكنه ظل ثابتًا على مواقفه.

 

وفاته

توفي سعيد بن المسيب سنة 94 هـ عن عمر ناهز الثمانين، وترك إرثًا علميًا هائلًا من الحديث والفقه. ظل اسمه خالدًا بين العلماء، واستمر تأثيره في الفقه الإسلامي عبر تلاميذه ومروياته.

 

الخاتمة

يعد سعيد بن المسيب نموذجًا للعالم الرباني الذي جمع بين العلم والعبادة والزهد والاستقلالية، فاستحق أن يكون من أعظم التابعين. كانت حياته مدرسة للأمة الإسلامية في الثبات على المبادئ، والدقة في العلم، والابتعاد عن هوى السلاطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى