سير

سيرة حياة فيروز

ولدت نهاد رزق وديع حداد (الملقبة بـ”فيروز”) يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 في قرية الدبيّة، وترعرعت في حارة زقاق البلاط ببيروت وسط أُسرة سريانية بسيطة الحال هي أكبر عيالها. كان والدها عاملاً في مطبعة “لوجيرو”، وكانت والدتها (ليزا البستاني) ربّة منزل.

الدراسة والتكوين:

برزت موهبتها الغنائية منذ طفولتها، وكانت المدرسة الابتدائية المنطلق الأول في رحلتها مع الغناء، حيث برعت في أداء الأناشيد المدرسية وحازت لقب “أجمل صوت” في المدرسة وهي في الخامسة من عُمرها.

وفي إحدى الحفلات المدرسية المقامة عام 1946 سمع الموسيقار والملحن محمد فليفل صوتها، فأشار عليها بأن تلتحق بالمعهد الموسيقي الذي كان يدرس فيه.

رفض الأب المحافظ فكرة أن تُغنّي ابنته أمام العامة، لكن فليفل نجح في إقناعه بعد أن أكد له أن ابنته ستُغني الأغاني الوطنية. وافق الأب مُشترطاً أن يرافقها أخوها جوزيف خلال دراستها. فتعلّمت الغناء والنوتة الموسيقية وتجلّت موهبتها في سرعة التقاطها الألحان وجودة تأديتها.

المسيرة الفنية:

انضمت إلى فرقة الأخوين فليفل التي كانت تقدم الأناشيد المدرسية والوطنية في الإذاعة اللبنانية في أوائل فبراير/شباط 1950. فأعجب رئيس القسم الموسيقي في الإذاعة حليم الرومي بصوتها، وعرض عليها أن تعمل مُرددةً في الكورال. ومن ثم تعهدها وأطلق عليها لقب “فيروز”.

وفي أوائل أبريل/نيسان 1950 لحّن لها أغنيتها الأولى “تركت قلبي وطاوعت حبك”، وبدأت في تسجيل أغانيها على الأسطوانات عام 1952، وفي مطلع خمسينيات القرن العشرين التقت بالموسيقي عاصي الرحباني وبدآ مشوارهما الفنيّ معاً ثم تزوجا عام 1955.

وإذا كان اكتشاف صوتها يعود إلى الرومي، فإن انطلاق الصوت الفيروزي يعود إلى عاصي الرحباني، إذ جاء إطلاق الأخوين رحباني (عاصي ومنصور) أعمالهما الغنائية بالتزامن مع توسع موجات البث الإذاعي، فأحدث صوتها ثورة في الموسيقى العربية عبر الإذاعة اللبنانية في بيروت، وإذاعة الشرق الأدنى، والإذاعة السورية في دمشق.

وفي أواسط الستينيات، اشتركت فيروز في ثلاثة أفلام سينمائية، هي “سفر برلك” و”بياع الخواتم” و”بنت الحارس” من إنتاج المؤسسة الرحبانية الفيروزية. وقد جاءت أعمالها السينمائية بالتزامن مع أعمالها المسرحية بمسرح البيكاديلي في بيروت ومعرض دمشق الدولي في سوريا. فاشتركت في أكثر من 20 عملاً مسرحياً غنائياً عُرضت خلال 1957-1977.

أصبحت بطلة أول مهرجان شعبي لبناني للغناء والرقص أقيم في بعلبك سنة 1957، كما كانت أول من دشن مهرجانات معرض دمشق الدولي. ومن مسرحياتها: جسر القمر، أيام فخر الدين، حكاية الإسوارة.

وقد دفعها طموحها الفنّي للانطلاق خارج حدود اللغة العربية، فكانت لها تجارب غنائية بالفرنسية والإنجليزية وبعض التراتيل الدينية باللغة اليونانية. بدأت عام 1961 جولاتها العالمية فسافرت إلى البرازيل والأرجنتين وأميركا وبريطانيا وفرنسا.

دُمّرت المؤسسة الرحبانية الفيروزية في مطلع الحرب الأهلية اللبنانية، وتوقف نشاطها مع إصابة زوجها عاصي بانفجار دماغي أدى إلى وفاته عام 1986.

انفصلت فيروز -إثر وفاة زوجها- عن العائلة الرحبانية، وخاضت تجارب جديدة مع مجموعة ملحنين ومؤلفين مثل فلمون وهبة وزكي ناصيف، وغنت للعديد من الشعراء منهم ميخائيل نعيمة وسعيد عقل الذي أطلق عليها لقب “سفيرتنا إلى النجوم”، كما أُطلقت عليها ألقاب كثيرة منها: “جارة القمر” و”أسطورة العرب”.

بعد سنوات عديدة من الاحتجاب أحيت حفلا في ساحة الشهداء وسط بيروت صيف عام 1995، كما أحيت “الليالي اللبنانية” في مهرجانات بعلبك الدولية صيف عام 1998.

وفي نهاية التسعينيات بدأت في العمل على أسطوانتها مع ابنها زياد الرحباني، فأصدرت بعض الألبومات أبرزها: “كيفك أنت”، “فيروز في بيت الدين 2000″، وآخرها كان “ألبوم أيه في أمل” 2010.

غنت فيروز طوال مسيرتها الفنية للأوطان والشعوب والحرّية، وبقيت طيلة فترة الحرب الأهلية اللبنانية منقطعة عن الغناء حتى لا تُرمى بالانحياز لفئة ضد أخرى، ولم تترك لبنان رغم فقدانها ابنتها “ليال” بسبب هذه الحرب.

وظفت قدراتها الغنائية للقضية الفلسطينية عقب نكسة يونيو/حزيران 1967، فغنت “أوبريت عائدون” ومجموعة من الأغاني لفلسطين منها “زهرة المدائن”.

تضامن اللبنانيون معها بقوّة عام 2010 عندما حاول ورثة الأخوين رحباني منعها من الغناء بقرار قضائي، لكنها تعرضت للنقد من جماعات معادية لنظام البعث السوري عندما غنت في دمشق عام 2008.

وفي أواخر 2013 صرح ابنها زياد بحُب والدته لحسن نصر الله مما أثار موجة انتقادات واسعة له، وفي 2015 شرعت بلدية بيروت في تحويل بيت الطفولة الذي ترعرعت فيه إلى متحف تكريماً لها كرمز وطني خالد.

الجوائز والأوسمة:

نالت فيروز ما يزيد على 15 وساماً منها: وسام الشرف من الرئيس اللبناني كميل شمعون 1957، ووساما الاستحقاق والأرز من الرئيس فؤاد شهاب عاميْ 1962-1963، ووسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى 1963، وميدالية الشرف الذهبية عام 1975.

وفي سوريا أصدرت 1961 طوابع بريدية تذكارية عليها صورتها، ونالت وسام الاستحقاق من الرئيس السوري نور الدين الأتاسي 1967، وحصلت على مفتاح مدينة القدس 1968 وجائزة القدس 1997.

تسلّمت 1988 وسام قائد الفنون والآداب من الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، ووسام فارس جوقة الشرف من الرئيس جاك شيراك 1998، ومفتاح مدينة لاس فيغاس الأميركية 1999. ومنحتها الجامعة الأميركية في بيروت الدكتوراه الفخرية عام 2005.

اختارها الصليب الأحمر الدولي سفيرة لتُمثل العرب في العيد الخمسين لاتفاقية جنيف حيث غنَّت “الأرض لكم”. ومنحتها الجامعة العربية عام 2012 لقب “سفيرة الفنانين العرب”.

أُصدِرت عدة أفلام وثائقية عن حياتها بينها: “جارة القمر فيروز” من إنتاج قناة الجزيرة، و”وثائقي حياة فيروز” من إنتاج القناة الثامنة الفرنسية، و”السيدة فيروز” من إنتاج قناة “الجديد”.

 

[المصدر: موقع الجزيرة]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى