سيرة عبد الله بن المعتز، مؤسس علم البديع
كان عبد الله بن المعتز أديبًا بليغًا شاعرًا مطبوعًا مقتدرًا على الشعر، قريب المأخذ، سهل اللفظ، جيد القريحة، حسن الإبداع للمعاني، مخالطًا للعلماء والأدباء ومعدودًا من جملتهم، سليل خلفاء بني العباس وربيب ملكهم العريض، حمل لواء الشعر ورفعه عاليًا، واستلم صولجان الـمُلك فلم يقوى على امتلاكه طويلًا، فاستعاض عنه بعطاء ربة الشعر ليتبوأ في تراث العرب الأدبي، شعره ونثره كإمارة لا تغيب شمسها ومرتبة زعامة مزهوة في شهبُها السرمدية الخالدة.
نسب عبد الله بن المعتز ومولده
هو أبو العباس عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد العباسي، الشاعر الأديب صاحب الشعر البديع والتشبيهات الرائقة والنثر الفائق، ومؤسس علم البديع، اتفق المؤرخون على أن ولادته كانت في مدينة سامراء، لكنهم اختلفوا في تحديد سنة مولده، فقيل: أنه ولد في سنة 246هـ= 860م، وقيل: سنة 247هـ= 861م، وقيل أيضًا: سنة 249هـ، وقيل غير ذلك.
نشأة عبد الله بن المعتز
نشأ عبد الله بن المعتز في قصور جده الخليفة المتوكل محاطًا برعاية الأسرة وعزة الـمُــلك، وكان لهذين العاملين أثر قوي في تكوين شخصيته وملكته الشعرية، حيث كان جده المتوكل طويل الباع في اللغة والأدب وأخبار العرب وأنسابهم، وكان عهده من أكثر عهود الدولة العباسية زهوًا في الأدب، أما المعتز نفسه فكان أكثر انغماسًا في ميدان الفنون، وكان متميز بالجودة والذوق، وشهد له أستاذه ابن السكيت بالحس الأدبي حيث قال لجده المتوكل جئتم بي لتأديبه وهو آدب مني.
عبد الله بن المعتز مؤسس علم البديع
علم البديع هو واحد من أهم فروع علوم البلاغة في اللغة العربية، وعبد الله بن المعتز هو أول من وضع هذا العلم، حيث جمع ما اكتشفه في الشعر من المحسنات وكتب فيه كتابًا جعل عنوانه عبارة “البديع”، وذكر في كتابه هذا سبعة عشر نوعًا، وقال: ما جمع قَبْلي فنون البديع أحد، ولا سبقني إلى تأليفه مؤلف، ومن رأى إضافة شيء من المحاسن إليه فله اختياره، ثم جاء من بعده من أضاف أنواعًا أُخر، منهم على ما ذكر البلاغيون: الأديب البغدادي جعفر بن قُدامة.
وقال عبد الله بن المعتز: إن البديع اسم لفنون الشعر يذكرها الشعراء والنقاد المتأخرين بينهم، أما العلماء باللغة والشعراء في الجاهلية والمخضرمين لا يعرفون هذا الاسم ولا يدرون ما هو، ويُعد عبد الله بن المعتز أشعر بني هاشم على الإطلاق وأشعر الناس في الأوصاف والتشبيه وليس لأحد مثل تشبيهاته.
[المصدر: موقع قصة الإسلام]