قصص

فكّر به تيسلا قبل مائة عام واخترعته وزارة الدفاع الأمريكية، قصة الإنترنت

يمثل اختراع الإنترنت نقطة مفصلية في تاريخ الحضارة البشرية، شأنه شأن اختراع الكهرباء والمحرك البخاري، وأصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لمليارات البشر، سواء أكان في التعاملات البنكية، أم العمل عن بعد، أم التواصل، أم حتى للترفيه ومشاهدة الأفلام والصور، أم قراءة هذه السطور الآن.

المثير بالموضوع أن اختراع شبكة الإنترنت كان عملية ممتدة لم تقتصر على شخص واحد، وبدأ حتى قبل ظهور النماذج الأولى لأجهزة الكمبيوتر، مثل “آلة تورنغ”، التي يُمكن اعتبارها من بين النماذج الأولى للحواسيب القابلة للبرمجة مثلما هي عليه اليوم، كان أشهر من فكر فيها هو المخترع “نيكولا تيسلا”.

وهذه هي القصة المدهشة حول متى اختُرِعَ الإنترنت، بدءاً من الأفكار الأولى بشأن الربط بين الناس، إلى انخراط الجيش الأمريكي في الأمر، وصولاً إلى ظهور الشبكة العنكبوتية العالمية في العصر الحديث.

توقعات نيكولا تيسلا حول اختراع الإنترنت قبل مائة عام تقريباً 

في مقابلة مع نيكولا تيسلا عام 1926، تحدّث عن شبكة لاسلكية يمكنها ربط البشر ببعضهم، وتحول الأرض إلى “دماغ ضخم”، وقال: “عندما يتم تطبيق اللاسلكي بشكل مثالي، ستتحول الأرض بأكملها إلى دماغ ضخم”.

توقع تسيلا أن الأجهزة اللاسلكية ستُبسط في النهاية، مع تشغيل العديد من أجهزة الإرسال والاستقبال دون تدخل. ووصف البث المباشر واتصال الفيديو، قائلاً إنه في المستقبل سيشهد الناس عن بُعد أحداثاً، مثل لعبة بطولة العالم، كما لو كنا حاضرين.

وقد تنبَّأ أيضاً بأنَّ التقنية ستكون ملائمة لوضعها على جهاز صغير جداً، لدرجة “أنَّ المرء سيكون قادراً على حمله في جيب سترته”.

قال تيسلا إنه في يوم من الأيام سيتمكن الناس من التواصل، وإرسال المستندات والموسيقى والفيديو في جميع أنحاء العالم باستخدام التكنولوجيا اللاسلكية. لم تتحقق توقعاته مع اختراع الإنترنت في الثمانينيات وشبكة واي فاي في التسعينيات فحسب، بل وصف إنترنت الأشياء lot وهو الجيل الجديد من الإنترنت، الذي يتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها.

وما يميز إنترنت الأشياء أن الشخص يستطيع التحكم في الأجهزة من دون الحاجة إلى الوجود في مكان محدّد، أو أن يكون مع الجهاز في المكان نفسه، بل يمكن أن يكون على بعد آلاف الكيلومترات.

قال تيسلا: “إدارة مشاكل الحرارة والضوء والميكانيكا المنزلية ستتحرر من جميع العمالة من خلال الطاقة اللاسلكية المفيدة”.

اختراع الإنترنت للربط بين حواسيب وزارة الدفاع الأمريكية

تصوَّر آخرون أيضاً أفكاراً ما من أنظمة الربط في العقود التالية. وقد تخيَّلوا وجود قاعدة بيانات للكتب والوسائط يمكن البحث فيها، من أجهزة مختلفة وأماكن متعددة، وصولاً في نهاية المطاف إلى شبكة من نوع ما مشتركة بين الحواسيب.

كان التغيير الحقيقي الذي جعل من الإنترنت حقيقة وليس مجرد أفكار، هو عندما دخلت وزارة الدفاع الأمريكية على الخط في أواخر الستينيات.

بدأت وزارة الدفاع باستخدام تقنية حديثة نسبياً تُسمَّى “تبديل الحزم” لنقل البيانات الإلكترونية، واستخدمت “شبكة وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة” التابعة للوزارة، والمعروفة اختصاراً باسم “أربانت”، تقنية تبديل الحزم لربط عدة حواسيب على شبكة واحدة.

وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول 1969، تمكَّنت وكالة أربانت من إرسال أول رسالة بين مختبر أبحاث في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس، ومعهد ستانفورد للأبحاث. أدَّت الرسالة التي تألَّفت من كلمة واحدة (long) إلى تعطل الشبكة، ولم يتلقَّ المعهد من الرسالة إلا أول حرفين.

روى ليونارد كلاينروك، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة كاليفورنيا في مدينة لوس أنجلوس، والذي قاد الفريق الذي أرسل الرسالة: “بذلك، كانت أول رسالة على الإنترنت هي (LO)”.

لكن هل كان هذا هو اختراع الإنترنت الذي يُستخدَم على نطاق واسع حول العالم اليوم؟ لا، ليس بالضبط، كانت لا تزال هناك مشكلة كبيرة، ألا وهي أنَّ الشبكات المختلفة التي كانت موجودة آنذاك كانت تتحدث بـ”لغات” مختلفة عند نقل البيانات، ولم يكن بمقدورها “التحدث” إلى بعضها البعض عند تشبيكها معاً.

بفضل اختراع الإنترنت أصبحت الحواسيب “تتحدث” إلى بعضها البعض 

يعتبر 1 يناير/كانون الثاني 1983 عيد الميلاد الرسمي للإنترنت. قبل ذلك، لم يكن لدى شبكات الكمبيوتر المختلفة طريقة للتواصل مع بعضها. بدأ باحثان بوكالة أربانت، هما روبرت كان وفينت سيرف، العمل لإيجاد حل.

أوضح فينت سيرف لاحقاً أنَّه “كانت لدينا شبكات متعددة، كانت كلها تعمل بتبديل الحزم، لكن بخصائص مختلفة. فكان بعضها أكبر، وكان بعضها أسرع، وكان لدى بعضها حزم مفقودة، وبعضها لم يكن كذلك.

لذا، كان السؤال هو: كيف يمكنك جعل كل الحواسيب في كل من هذه الشبكات المختلفة تعتقد أنَّها جزء من شبكة واحدة مشتركة، على الرغم من كل هذه الاختلافات والتنوع؟

أُنشئ بروتوكول اتصالات جديد يسمى بروتوكول التحكم بالنقل، سمح هذا البروتوكول لأنواع مختلفة من أجهزة الكمبيوتر على شبكات مختلفة “بالتحدث” مع بعضها. ومن هنا كانت ولادة الإنترنت وربط جميع الشبكات بلغة عالمية. لكن إلى تلك اللحظة كان الموضوع مقتصراً على عدد محدود من أجهزة الحاسوب، ولم يكن الإنترنت متاحاً للعامة بعد.

ولكن في مطلع التسعينيات طوَّر عالم حاسوب بريطاني في “المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية” يُدعى تيم بيرنرز لي لغة ترميز النص التشعبي.

وبعد ذلك بفترة قصيرة، طُرِحَت “الشبكة العنكبوتية العالمية”، والتي اخترعها بيرنرز لي للعامة، ومن هنا انطلقت الأمور، حتى وصلت شبكة الإنترنت إلى الاستخدام المنزلي عن طريق أسلاك الهاتف الأرضي.

المصدر: موقع عربي بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى