كتب

كيف نتعلم لنعيش؟ – رحلة في معنى التعلم والحياة

لمحة أولى تشعل الفضول

في كل يوم، نرتاد مدارس أو جامعات أو محاضرات بحثًا عن المعرفة، لكن ما هو الرابط الحقيقي بين التعلم والحياة؟ هل يكفي فقط أن نتحصل على شهادة ونختم فصلًا علميًا؟
كتاب “كيف نتعلم لنعيش؟” الذي صدر عام 2024 للدكتور أمير بقطر، يأتي ليقلب هذه المفاهيم رأسًا على عقب. فهو لا يقدم مجرد نظرية تربوية، بل رؤيا متكاملة تربط بين علم النفس والفلسفة وفقه الحياة. الهدف؟ ليس فقط أن نتعلم… بل أن نحيا.

 النشأة الفكرية للمؤلف – جذور الفكرة

الدكتور أمير بقطر (1898–1966)، من أوائل علماء النفس والتربية في مصر. حصل على درجة الماجستير من جامعة كولومبيا عام 1924، ثم الدكتوراه عام 1936 في علم النفس التربوي.
عاد إلى مصر ليؤسس فكرًا تربويًا جديدًا يدعو إلى أن يكون التعليم مرآة للحياة، وليس حشوًا للمعلومات. وقد جسّد رؤيته هذه في كتابه “كيف نتعلم لنعيش؟”، الذي يُعد من أبرز مساهماته في مجال تطوير الذات والعلاقات.

سيناريو المتعلمين – من المدرسة إلى الحياة

في بدايات الكتاب، يطرح د. بقطر تساؤلًا عميقًا:

“هل نخرج من التعليم بأدوات حقيقية للحياة؟ أم بشهادات فارغة من المضمون؟”

يبدأ بسرد قصصي لطالبة تُدعى “أمل”، التي تجد نفسها عاجزة عن اتخاذ قرارات حياتية رغم تفوقها الأكاديمي، ثم تنتقل إلى تجربة عملية تغيّر وعيها، وتفتح أمام القارئ طريقًا جديدًا لفهم التعليم.

 فصول الكتاب: رحلة في العمق الإنساني للتعلم

 الفصل الأول: لماذا نتعلم؟

فيه يُفكك المؤلف الأهداف التقليدية للتعلم، ويعيد صياغة سؤال: “لماذا نتعلم؟”، ليجعله: “لمن نعيش؟ وكيف نعيش؟”.

 الفصل الثاني: التعلم الذاتي – البوصلة الداخلية

يستعرض قصة “سامي” الذي يتعلم البرمجة والتسويق الذاتي دون جامعة، ليؤسس شركته الناشئة. يوضح د. بقطر أن التعلم الذاتي هو أداة الفرد لمواكبة عالم سريع التغير.

 الفصل الثالث: المشاعر والتعلم

يستعرض تجربة أم تعلم طفلها كيف يتعامل مع الغضب. يربط التعلم بالذكاء العاطفي، مؤكدًا أن من لا يعرف مشاعره، لا يعرف أن يتعلم.

علم النفس والفلسفة خلف النص

الكتاب مبني على دمج بين:

  • علم النفس التربوي
  • التفكير النقدي
  • الفلسفة الوجودية
  • أساليب التعليم النشط

يرى المؤلف أن الإنسان لا يتعلم ليعرف فقط، بل ليفكر، يشعر، يبدع، ويعيش بوعي.

 التعلم من الفشل – وجه آخر للنجاح

في فصل خاص، يتناول المؤلف الفشل كفرصة ذهبية.
يستعرض نماذج من شخصيات فشلت أكاديميًا ونجحت حياتيًا، مثل إديسون، أينشتاين، وآخرين.
ويؤكد أن:

“من لا يخطئ لا يتعلم، ومن لا يتعلم لا يعيش.”

التمارين العملية في الكتاب

من أجمل ما في الكتاب أنه لا يكتفي بالنظرية، بل يحتوي على:

  • تمارين لفهم الذات
  • استبيانات تحديد الأهداف
  • خطط لتعلم مهارات جديدة
  • تمارين يومية لتغيير السلوك

تُساعد هذه التمارين القارئ على تحويل أفكار الكتاب إلى أسلوب حياة.

 الفصل الأخير – كيف نعيش؟

يُختتم الكتاب بمشهد رمزي لبطلة القصة وقد فهمت أن “الحياة ليست سباق معلومات، بل بناء إنسان متوازن”.
يدعو الكاتب في النهاية إلى:

  • تحويل كل مؤسسة تعليمية إلى مركز لبناء الشخصية
  • اعتماد التعلم مدى الحياة
  • كسر الحواجز بين التعلم النظري والحياة اليومية

 تقييم وتحليل نقدي

 الإيجابيات:

  • أسلوب بسيط وسلس
  • دمج بين القصص والتمارين
  • معالجة لجوانب مهملة من التعليم

 ما يمكن تطويره:

  • التركيز كان محليًا، تنقصه أمثلة من الخارج
  • بعض التمارين تحتاج توجيه خبير

لمن هذا الكتاب؟

يناسب هذا الكتاب:

  • الطلاب في المراحل المتقدمة
  • المعلمين والمربين
  • المدربين الشخصيين
  • كل باحث عن المعنى العميق للتعليم

 خلاصة

“كيف نتعلم لنعيش؟” ليس مجرد كتاب، بل خارطة طريق للحياة المتعلمة. يعلمنا كيف:

  • نُعيد تعريف النجاح
  • نواجه الفشل كدرس
  • نربط بين العاطفة والمعرفة
  • نجعل من كل يوم مدرسة للحياة

إنه كتاب سيغير نظرتك للتعلم، ليس كوسيلة للوظيفة فقط، بل كوسيلة للعيش بعمق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى