سير

محمد بن سيرين.. الفقيه والمفسر الذي اشتهر بحسن الدين والعلم

مقدمة

يعد محمد بن سيرين واحدًا من أعلام التابعين المشهورين، فقد كان عالمًا جليلًا في الفقه، ومفسرًا للأحلام، وصاحب ورع وتقوى. اشتهر بزهده وأمانته وحرصه على قول الحق، مما جعله مثالًا يُحتذى به في الأخلاق والعلم. في هذا المقال، نستعرض سيرته العطرة، ونلقي الضوء على حياته، وعلمه، وأهم أعماله.

 

نشأته وحياته

وُلِد محمد بن سيرين في عهد الخليفة عثمان بن عفان، تحديدًا سنة 33 هـ (653 م) في البصرة. كان والده “سيرين” من أهل فارس، وقد كان مملوكًا لأنس بن مالك، الصحابي الجليل، ثم أعتقه. أما والدته، فكانت تُدعى صفية، وكانت تخدم أم المؤمنين أنس بن مالك.

نشأ ابن سيرين في بيئة مليئة بالعلم والدين، حيث اختلط بالصحابة والتابعين الكبار، فتأثر بهم ونهل من علومهم، مما جعله من كبار الفقهاء والمحدثين في عصره.

 

طلبه للعلم

حرص ابن سيرين منذ صغره على طلب العلم، وتتلمذ على يد عدد من كبار الصحابة والتابعين، مثل:

– أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

– عبد الله بن عمر، أحد الفقهاء الكبار.

– عبد الله بن عباس، حبر الأمة وترجمان القرآن.

– أبو هريرة، راوي الحديث المعروف.

تميز ابن سيرين بذاكرته القوية، فكان يحفظ الأحاديث ويحرص على نقلها بدقة، كما اشتهر بفصاحته وحكمته، مما جعل العلماء يثقون بعلمه ورواياته.

 

مكانته في الفقه والحديث

برع ابن سيرين في الفقه، وكان يُستشار في مسائل الأحكام الشرعية، فكان يقدم الفتاوى المبنية على الكتاب والسنة. كما اشتهر بصحة روايته للأحاديث، فكان من أوثق رواة الحديث في عصره، حيث اعتمد عليه كبار المحدثين مثل البخاري ومسلم.

ومن أبرز أقواله في العلم والحديث:

“إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.”

 

ابن سيرين وتفسير الأحلام

اشتهر ابن سيرين بتفسير الرؤى والأحلام، حتى أصبح اسمه مرادفًا لهذا العلم. وقد جمع بعض طلابه تفسيراته في كتاب “تعبير الرؤيا”. كان يعتمد في تفسيره على القرآن والسنة، ويحرص على التفريق بين الأحلام الحقيقية وأضغاث الأحلام، ومن أشهر تفسيراته:

– رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام دليل على الحق.

– رؤية الماء تدل على الخير والنقاء.

– رؤية الطيور ترمز إلى الحرية والأخبار السعيدة.

 

زهده وورعه

كان ابن سيرين زاهدًا في الدنيا، متواضعًا، يتحرى الصدق في حديثه، وكان يُعرف بورعه وتقواه، حيث كان يخشى الله في كل تصرفاته. ومن أشهر مواقفه في الأمانة أنه كان يتجنب التعامل بالمال الحرام، وكان يُحجم عن الفتوى إذا لم يكن متأكدًا من صحتها.

ومن أقواله:

“الظلم أسرع إلى أهل الباطل من السكين إلى اللحم.”

 

وفاته

توفي محمد بن سيرين سنة 110 هـ (728 م) عن عمر يناهز 77 عامًا، بعد حياة حافلة بالعلم والعمل الصالح. ترك إرثًا علميًا كبيرًا، وما زالت كتبه وأقواله مرجعًا في الفقه وتفسير الأحلام حتى اليوم.

 

خاتمة

يظل محمد بن سيرين نموذجًا للعالم الفاضل الذي جمع بين الفقه والحديث وتفسير الأحلام، مع ورع وتقوى جعلته محبوبًا في زمانه ومُقدَّرًا في كل العصور. فحياته مليئة بالدروس والعبر لكل من يسعى للعلم والحق والعدل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى