قصص

ملخص رواية The Girl on the Train وتحليلها الأدبي الكامل

في عام 2015، أطلقت الكاتبة البريطانية باولا هوكينز روايتها الأولى The Girl on the Train، باللغة الإنجليزية، لتصبح في وقت قصير ظاهرة أدبية عالمية. تنتمي الرواية إلى فئة الإثارة النفسية (Psychological Thriller)، وقد لقيت استحسانًا نقديًا وجماهيريًا واسعًا، حتى اعتبرها البعض وريثة لرواية Gone Girl من حيث التأثير والنجاح. بيعت من الرواية أكثر من 20 مليون نسخة في أنحاء العالم، وتُرجمت إلى أكثر من 40 لغة، منها العربية. بقيت على رأس قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعًا لمدة 13 أسبوعًا متتاليًا، وسرعان ما تحوّلت إلى فيلم سينمائي ناجح عام 2016.

رواية الفتاة في القطار ليست مجرد قصة غموض، بل هي مرآة لعالم معتم من الشك، والخيانة، والفراغ الداخلي، حيث تصبح الذاكرة المتكسّرة والظنون الضبابية أدوات لرسم واقع متشظٍ لا يمكن الوثوق به.

 الفصل الأول: رايتشل… العيون التي ترى كل شيء

كل صباح، تستقل رايتشل واتسون القطار ذاته المتجه إلى لندن. تجلس دومًا في المقعد ذاته، وتنظر من النافذة إلى البيوت المتراصة على طول السكة، وخاصة إلى ذلك المنزل الذي باتت تعرفه أكثر من بيتها. تراقب زوجين شابين يعيشان هناك، وقد أطلقت عليهما أسماء من وحي خيالها: جيس وجيسون. تظنهما الزوجين المثاليين، وتنسج حولهما قصصًا وردية تعوّض بها عن الخراب الذي حلّ بحياتها الخاصة.

رايتشل امرأة في أوائل الثلاثينات، مطلقة، منهكة من آثار إدمان الكحول، وقد فقدت وظيفتها منذ شهور لكنها لا تخبر أحدًا. تظن أن مراقبتها للزوجين تمنحها شعورًا بالأمان، إلى أن تكتشف ذات يوم، من خلال نافذة القطار، مشهدًا صادمًا: جيس (التي سنكتشف لاحقًا أن اسمها الحقيقي ميغان) تقبّل رجلاً غريبًا ليس زوجها!

لم تكن تلك سوى بداية لانحدار عميق في دوامة من الشك والهاجس، خصوصًا عندما تختفي ميغان في اليوم التالي…

 الفصل الثاني: اختفاء في الظلام

عندما تسمع رايتشل في نشرة الأخبار عن اختفاء امرأة تُدعى ميغان هيبولويلد من الحي الذي تراقبه يوميًا، تصاب بصدمة شديدة. لقد رأت هذه المرأة تُخون زوجها – سكوت – بعينيها. فهل يمكن أن تكون قد قُتلت؟ وهل لذلك الرجل الغامض علاقة باختفائها؟

تشعر رايتشل بقلق متزايد، لكنها لا تمتلك دليلاً، والأسوأ من ذلك أن الليلة التي اختفت فيها ميغان، كانت رايتشل فيها ثملة تمامًا، ولا تتذكر شيئًا مما حصل. الشيء الوحيد الذي تعرفه هو أنها عادت إلى منزل طليقها توم، وحدث شجار عنيف مع زوجته الجديدة آنا، التي لا تكن لرايتشل إلا الكره.

في تلك الليلة الغامضة، وبين خيوط الذاكرة المبعثرة والكحول الذي شوّه وعيها، تشعر رايتشل أنها ربما شاهدت شيئًا مهمًا… لكنها لا تستطيع استرجاعه. وهنا تبدأ في التنقيب عن الحقيقة، ليس فقط في اختفاء ميغان، بل في ذاتها الممزقة.

 الفصل الثالث: ثلاث نساء… وثلاث روايات للحقيقة

تُروى الرواية من خلال ثلاث وجهات نظر: رايتشل، ميغان، وآنا. كل امرأة تملك قطعة من اللغز، وكل واحدة تحاول النجاة بطريقتها الخاصة.

ميغان كانت تحيا خلف قناع مثالي. رغم حياتها الهادئة مع سكوت، كانت تعاني من ماضٍ مظلم وذكرى فقدان رضيعها، الذي غرق عندما غفلت عنه للحظة. كانت تذهب إلى معالج نفسي يدعى كمال عبد الله، وهناك نشأت علاقة غير مهنية بينهما.

آنا، من جهتها، تشعر بالتهديد من وجود رايتشل في محيطها، وتخشى أن تعود لتدمير حياتها الزوجية مع توم. لكنها في أعماقها تشعر أن هناك شيئًا مريبًا في زوجها، لا تجرؤ على الاعتراف به حتى لنفسها.

أما رايتشل، فهي بين رغبتها في التكفير عن أخطائها، وهاجسها بإيجاد تفسير لما حصل، تبدأ تتقرب من سكوت، لتتظاهر بأنها صديقة قديمة لميغان، وتشاركه شكوكه عن علاقة زوجته الغائبة بمعالجها النفسي.

ولكن، كلما تعمقت رايتشل في القصة، كلما بدأ يتكشف وجه آخر للحقيقة… وجه أقرب إليها مما تخيلت.

 الفصل الرابع: عودة الذاكرة… وصوت الخوف

تبدأ ذاكرة رايتشل بالعودة تدريجيًا. تتذكر رؤيتها لميغان وهي تدخل السيارة مع رجل… وتتذكر شيئًا آخر أكثر رعبًا: صوت صراخ، ودماء، وضرب… لكنها لا تملك الصورة الكاملة بعد.

في نفس الوقت، تتوالى المفاجآت، إذ تكشف الشرطة أن ميغان كانت حاملًا وقت اختفائها، وتبدأ الشبهات تحوم حول سكوت، وكمال عبد الله، وحتى رايتشل نفسها، بسبب سلوكها غير المتوازن.

لكن رايتشل تصرّ على المتابعة، وتواجه كمال، وتحاول استعادة اللحظات المنسية. شيئًا فشيئًا، تدرك أن هناك نمطًا معينًا في سلوك توم، زوجها السابق، الذي طالما أخبرها أنها هي من كانت تعاني من نوبات عنف وفقدان للذاكرة… لكنها تكتشف، عبر لمحات الذاكرة والتفاصيل المبعثرة، أن الأمر لم يكن كذلك.

اللحظة الحاسمة تأتي عندما تتذكر كل شيء: في ليلة اختفاء ميغان، رأت توم يواجهها بعنف في الغابة، سمعته يصرخ، ثم شاهدته يضربها… ويدفنها.

 الفصل الخامس: الحقيقة… والدماء الأخيرة

في ذروة القصة، تعود رايتشل إلى منزل توم وتواجهه بالحقيقة، لكنه يحاول التلاعب بها مجددًا، مستخدمًا أسلحته النفسية القديمة، متهماً إياها بالجنون. إلا أن رايتشل، وقد استعادت قوتها وإدراكها، لا تنطلي عليها الأكاذيب بعد الآن.

تنضم آنا إلى المواجهة، وتبدأ هي الأخرى برؤية توم على حقيقته، خصوصًا بعد أن تجد هاتف ميغان مخبّأ في غرفة نومه. اللحظة الدامية لا تتأخر، إذ ينقلب توم إلى العنف، فيحاول قتل رايتشل، لكنها تقاوم، وتغرس مفتاحًا في حلقه دفاعًا عن نفسها. في مشهد حابس للأنفاس، تشاركه آنا في القضاء عليه، ويُغلق بذلك فصل الرعب والكذب.

تُعلن الشرطة أن توم هو القاتل، ويُغلق ملف القضية. لكن آثار ما حدث تبقى محفورة في رايتشل وآنا، رغم شعورهما بتحرر بطعم مرّ.

 

الأعمال الفنية المقتبسة عن الرواية

تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي أمريكي بعنوان The Girl on the Train عام 2016، من إخراج تيت تايلور، وكتب السيناريو إيرين كريسيدا ويلسون. لعبت دور البطولة الممثلة البريطانية إيميلي بلنت في دور رايتشل، وقد حازت على إشادة واسعة لأدائها المؤلم والمعقد.

شاركها في البطولة:

  • ريبيكا فيرغسون بدور آنا،
  • هايلي بينيت بدور ميغان،
  • جاستن ثيرو بدور توم،
  • لوك إيفانز بدور سكوت.

نال الفيلم تقييمًا متوسطًا:

  • IMDb: 6.5/10
  • Rotten Tomatoes: 44% بناءً على تقييم النقّاد، لكن الجمهور منحه درجة أعلى.

 أصداء العمل الفني: بين النجاح والتأويل

رغم تباين الآراء حول الفيلم، إلا أن الأداء القوي لـ إيميلي بلنت منح العمل بعدًا نفسيًا ملموسًا، ونجح في إيصال التوتر الداخلي للشخصيات. اعتبر النقاد أن الفيلم ظل قريبًا من روح الرواية، لكنه خفف بعض تعقيداتها النفسية، خصوصًا في نقل سرد تعدد الرواة الذي ميّز النص الأصلي.

ساهم الفيلم بشكل كبير في توسيع شهرة الرواية عالميًا، حيث شهدت مبيعات الكتاب ارتفاعًا جديدًا بعد عرض الفيلم، كما أُعيدت طباعته بغلاف يحمل صورة بلنت، وصار مادة دراسية في كثير من حلقات النقاش الأدبي.

الرواية، بمزيجها من الغموض والوجع الإنساني، فتحت أبوابًا جديدة لأدب الإثارة النفسية الذي يركز على البطلات المعذّبات والمعقّدات نفسيًا، وقد مهدت الطريق لأعمال مشابهة في هذا التيار.

رواية The Girl on the Train ليست مجرد قصة عن جريمة قتل، بل هي رحلة في الذاكرة، والغفران، ومساءلة الحقيقة. كل شخصية تحمل جرحًا، وكل جرح يروي قصة. وبين القضبان المتحركة، والأنفاس المقطوعة، والعيون التي تراقب من خلف الزجاج، تنبعث رواية لا تُنسى، تثبت أن أحيانًا، أكثر من يراك… هو من لا تعرفه أبدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى