من هو عمر أبو ريشة
عمر أبو ريشة هو شاعر سوري مشهور ودبلوماسي، يعتبر من أهم شعراء العصر الحديث في الوطن العربي. وُلد عمر في 10 أبريل 1910 في مدينة منبج بسوريا ونشأ في بيئة صوفية. درس في مدارس حلب والمدرسة الأمريكية في بيروت ثم استكمل تعليمه الجامعي في جامعة مانشستر بإنكلترا حيث تعرف على الأدب الإنكليزي. اتّخذ مسيرة دبلوماسية حقق خلالها نجاحات كبيرة؛ عُيّن سفيراً لسوريا في عدة دول مثل البرازيل، الأرجنتين، الهند والولايات المتحدة.
يلقّب شِعْر عمر أبو ريشة بالكلاسيكية الجديدة لأنه استلهم من التقاليد الشعرية القديمة، ولكنه استخدمها للتعبير عن أفكار جديدة. كتب عدة مؤلفات شعرية ومسرحية تتطرّق إلى موضوعات مثل الحب والسياسة والقضايا الاجتماعية. تزوج من منيرة مراد وانضم إلى عدة مجامع ثقافية، وتوفّي في عام 1990.
اتسمت المؤلفات الأولى لعمر أبو ريشة في إنكلترا بطابع الحزن؛ فقد تعرف خلال تلك الفترة على فتاة إنكليزية اسمها نورما، وأحبها حبًا كبيرًا، ولكنه أصيب بمرض النكاف، فسهرت نورما على رعايته حتى شفائه. وبعدما شفي من المرض، قرر عمر الرجوع إلى سوريا كي يستأذن عائلته في الزواج من نورما. ولما عاد إلى إنكلترا، اكتشف أن نورما أصيبت بمرض النكاف أيضًا، غير أنها لم تنجُ منه وتوفيت بسببه.
حزن عمر كثيرًا على موتها، وخلّد قصة حبهما في قصيدة اسمها “خاتمة الحب”.
بعد هذه القصة المأساوية، حوّل عمر دراسته من الكيمياء إلى الأدب الإنكليزي، ولكنه لم يكمل الدراسة الجامعية وعاد إلى مدينة حلب، حيث تولى هناك إدارة “دار الكتب الوطنية”. وبقي عمر أبو ريشة في منصبه عدة سنوات، قبل أن يقترح بعض المسؤولين في الحكومة السورية ترشيحه لتولي بعض المناصب الدبلوماسية؛ جرى تعيينه ممثلًا للحكومة السورية في البرزايل عام 1949، وبعدها بعام واحد عُيّن سفيرًا ومفوضًا هناك.
وتوالت المناصب الدبلوماسية التي شغلها عمر أبو ريشة، فعُين سفيرًا لسوريا في الأرجنتين عام 1952، وبعدها بعامين عُين سفيرًا لسوريا في الهند.
وفي عام 1959، شغل منصب سفير سوريا في النمسا، وبعدها انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليصبح سفير سوريا هناك. وأخيرًا، عُين سفيرًا في الهند 1964 قبل أن يحال إلى التقاعد عام 1971.
ترجع الثقافة الكبيرة التي تمتع بها عمر أبو ريشة إلى 3 عوامل رئيسة: البيئة الصوفية الملتزمة التي ترعرع فيها ونهل منها عيون الشعر الصوفي، والدراسة في إنكلترا التي أتاحت له الاطلاع على الأدب الإنكليزي وشعرائه، وأخيرًا العمل الدبلوماسي في عدة بلدان، مما مكنه من التعرف على ثقافات البلدان الأخرى واكتساب المعرفة منها.
يعتبر الكثير من النقاد أن شعر عمر أبو ريشة ينتمي إلى الكلاسيكية الجديدة، فقد سار على نهج الشعراء العرب القدماء في التمسك بالشعر العمودي التقليدي، والاعتماد على الصور الشعرية القديمة.
مع ذلك، لم يتمسك عمر أبو ريشة بمضمون الشعر الكلاسيكي القديم وأفكاره، وإنما استخدم الشعر العمودي للتعبير عن أفكار ومواضيع جديدة تلامس جوانب الحياة في عصره.
ومن ناحية أخرى، تميزت قصائد أبو ريشة بالنزعة الرومانسية، وهو ما يتناقض مع مضمون الشعر الكلاسيكي الذي كان يعلي من مرتبة العقل والقيم والواجب فوق المشاعر والأحاسيس.
عاش عمر أبو ريشة في فترة عمت فيها الاضطرابات والمُلمّات أصقاع الوطن العربي، بدءًا بالاستعمار الأوروبي لأقطاره، ومرورًا بالاحتلال الصهيوني لفلسطين وانتهاء بنكسة حزيران. وبالتالي، كان من البديهي أن يتطرق عمر في شعره إلى المواضيع السياسية، ولاسيما قضية فلسطين؛ فقد عبّر عن موقفه الصريح الداعم للقضية الفلسطينية، وانتقد تخاذل السياسيين العرب ومواقفهم إزاء الاحتلال الإسرائيلي.
تتنوع الأعمال الأدبية لعمر أبو ريشة بين الشعر والمسرح؛ وتتضمن قائمة أعماله الشعرية كلًا مما يلي: ديوان “شعر” الصادر في حلب عام 1936، وديوان “عمر أبو ريشة” الصادر في بيروت عام 1947، وديوان “مختارات” الصادر في بيروت عام 1959، ومجموع شعرية بعنوان “غنيت في مأتمي” عام 1971، وديوان “عمر أبو ريشة (المجلد الأول)” الصادر عن دار العودة عام 1971، ومجموعة شعرية بعنوان “أمرك يا رب” صدرت في جدة بالسعودية عام 1980.
فضلًا عن مجموعة شعرية اسمها “من وحي المرأة” صدرت في دمشق عام 1984، وديوان باللغة الإنكليزية صدر عن دار الكشاف عام 1959.
من ناحية ثانية، ألف عمر أبو ريشة عددًا من المسرحيات أهمها: “ذي قار”، و”سميراميس”، و”تاج محل”، و”أوبريت العذاب” بالإضافة إلى بعض الفصول المنشورة من مسرحيتي “محكمة الشعراء” و”الطوفان”، واللتين لم تُنشرا بالكامل.
[المصدر: موقع آراجيك]