قصص

نجمة البحر

يُحكى أنّ رجلاً متقدّمًا في السنّ اعتاد على الذهاب إلى الشاطئ كلّ صباح لينعم ببعض الهواء النقي، ويستلهم أفكارًا جديدة لكتاباته.

وكان في كلّ يوم، يقضي عدّة دقائق يتأمل أمواج البحر تتكسّر على الرمال، أو يتمشّى قليلاً قبل أن يتنقي مكانًا يجلس فيه ويبدأ عمله في الكتابة.

في إحدى الصباحات، ذهب إلى الشاطئ كما هي عادته، ففوجئ بمنظر غريب عجيب؛ كان الساحل بأكمله مغطّى بمئات، بل ربّما الآلاف من نجوم البحر التي ألقى بها الموج إلى الرمال، نجوم بحر بكلّ الألوان والأشكال والأحجام مترامية على مدى كيلومترات على الساحل.

وهناك في البعيد، بدا للرجل العجوز فتاة صغيرة تسير نحوه بخطى متأنية، وكانت تقف من حين لآخر أثناء سيرها، فتنحني إلى الأرض لتلتقط شيئًا ثم تقف من جديد وتلقي به في الماء قبل أن تواصل المسير لتعاود الكرّة بعد بضعة خطوات.

وهكذا إلى أن اقتربت الفتاة أكثر فأكثر ووصلت إلى حيث كان يقف، فبادرها بالتحية قائلا:

– صباحك سعيد يا صغيرتي!

– صباح الخير سيّدي.

– هل لي ان أسألك ما الذي تفعلينه؟

فصمتت الفتاة برهة قبل أن تجيب:

– إنني ألقي بنجوم البحر في الماء.

ثمّ واصل ما كانت تفعله بصمت، تنحني إلى الرمال، فتلتقط نجمة من نجوم البحر وتلقي بها في الماء لتجرفها الأمواج إلى الأعماق.

– ولماذا تفعلين ذلك؟

سأل العجوز من جديد، وجاء جواب الصغيرة:

– لقد ألقى المدّ بهذه النجوم إلى الشاطئ، ولا يمكنها العودة بمفردها. ستموت بمجرّد أن ترتفع الشمس في السماء، لذا عليّ إنقاذها وإعادتها إلى الماء.

– ولكن، هنالك المئات، بل ربّما الآلاف منها هنا؟ لا أعتقد أنّه باستطاعتك إعادتها كلّها إلى الماء قبل حلول الظهيرة. لن تُحدثي فرقًا بما تفعلينه يا صغيرتي.

لم تقل الفتاة شيئًا، بل واصلت ما كانت تفعله. انحنت من جديد، التقطت نجمة بحر ملونة، وألقتها في الماء، ثم نظرت إلى العجوز وابتسامة لطيفة ترتسم على محيّاها:

– لكني أحدثتُ فرقًا بالنسبة لنجمة البحر تلك!

وأشارت بيدها إلى النجمة التي ألقتها في الماء قبل لحظات، وهي تنجرف مع الأمواج عائدة إلى عرض البحر.

[المصدر: موقع أفكار دافئة]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى