قصص

نوروز: قصة العيد العابر للدين والعرق والثقافة

كل عام في الحادي والعشرين من مارس تحتفل شعوب عدة في الشرق الأوسط وشرق آسيا، بعيد النوروز، أحد أقدم الأعياد المرتبطة بالقوميات في العالم.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 300 مليون شخص يحتفلون في جميع أنحاء العالم بنوروز، يوم الاعتدال الربيعي، باعتباره بداية العام الجديد، وإن الاحتفال به قائم منذ أكثر من 3000 سنة في آسيا الوسطى والبلقان وحوض البحر الأسود والشرق الأوسط والقوقاز وفي مناطق أخرى.

وأعلنت الجمعية العامة، يوم 21 مارس يوما دوليا للنوروز، بناء على مبادرة قدمتها في عام 2010 عدة بلدان هي أذربيجان وأفغانستان وألبانيا وإيران وتركمانستان وتركيا وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان والهند، بغرض مشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبه.

والنوروز هو عطلة رسمية في إيران وأذربيجان وكازخستان وتركمانستان وأوزبكستان والعراق، كما يُحتفل به في طاجيكستان ومقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وولاية كوجارات الهندية وشمال غرب الصين.

ويعتقد أن الاحتفال بعيد النوروز يعود إلى 2635 عام بحسب التقويم الكردي، و1402 عام بحسب التقويم الفارسي. وبالنسبة لهاتين القوميتين، يسجل الـ21 من آذار موعد بداية السنة الجديدة، ويعني اسم نوروز بالفارسية “يوم جديد” وهو معنى مقارب لاسمه بالكردية أيضا.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في نوروز لهذا العام، إن “النوروز فرصة – لنا جميعا – للاسترشاد بقيمه المتمثلة في السلام والحوار والتضامن، من أجل إعادة تأكيد التزامنا بحقوق الإنسان وكرامته، ومن أجل تعزيز الاحترام المتبادل والمصالحة، ومن أجل حماية الكوكب والعيش في وئام مع الطبيعة”.

وتحتفل الشعوب التي شكلت في وقت من الأوقات جزءا من الإمبراطورية الفارسية، بيوم نوروز بشكل متشابه تقريبا، إذ تشعل النيران ويرتدي الرجال والنساء والأطفال ملابس زاهية، احتفالا بقدوم الربيع وانتهاء فصل طويل من الشتاء في تلك المناطق.

ويقول موقع اليونسكو إن يوم النوروز يعتبر أحد أقدس أيام التقويم الزرادشتي القديم. وكان احتفال النوروز حدثا سنويا يكرم خلاله التراث المشترك لـ”دول طرق الحرير وتقاليده وثقافته” المرتبطة بولادة فصل الربيع.

وهو العيد القومي الوحيد في العالم الذي تحتفل به شعوب من خلفيات دينية وثقافية وعرقية مختلفة.

وبحسب المؤرخ الكردي، سردار ناصر، فإن قصة النوروز الكردية تشير إلى الانتصار على الظلم، إذ تقول الأسطورة إن “كاوة الحداد” قام بثورة على الملك الظالم “الضحاك” الذي كان “يأكل الأطفال” من خلال اثنين من الأفاعي ربطتا على كتفه، قبل أن يعمد كاوة إلى إشعال ثورة استعان فيها بأطفال أنقذهم من الموت وقدم لهم التدريب في جبل كانوا يحتمون به.

ويقول ناصر: إن الأسطورة تشير إلى بناء كاوه “نارا عظيمة” فوق الجبل ليخبر القرى المجاورة لقريته عن الثورة التي أشعلها، وكان هذا في يوم الحادي والعشرين من مارس.

ووفقا للمؤرخ ناصر، فإن “الرمزية واضحة في القصة التي تشير إلى ما يبدو أنه حكم عسكري لوال ظالم استدعى ثورة شعبية للإطاحة به”، مضيفا أن “العيد هو أهم الأعياد الكردية في العام”.

وفيما يمتلك النوروز رمزية ثورية بالنسبة للكرد، تشير قصته الفارسية إلى رمزية “الإمبراطورية والتوسع،” بحسب المؤرخ ناصر.

ويقول ناصر إن “إحدى القصص الفارسية التي تشير إلى أصل النوروز هي أن الملك جمشيد قام باعتلاء عرشه في أذربيجان، فسطعت الشمس وأشرق نور التاج والعرش على الناس المتجمهرين الذين قالوا إن هذا يوم جديد، فأصبح اسم العيد ني روز، أو نه روز، الذي يحمل هذا المعنى”.

كما أن مؤرخين أرجعوا أصل الاحتفال بالنوروز إلى السومريين أو البابليين في العراق، الذين كانوا يحتفلون بسنتهم الجديدة في الأول من أبريل، باعتباره تاريخ عودة الإله “تموز” من بين الأموات وبثه الحياة والخضرة في الأرض.

ويحتفل الكرد والإيرانيون بنوروز من خلال مائدة خاصة تسمى “هفت سين” أو السينات السبعة وهي مكونة من الثوم (سير)، و السنابل أو الورد (سنبل) والخل (سيركة) وعملة معدنية (سكة) والخضروات (سبزي أو سبزه) وحلوى (سمنو) و ثمرة (سنجد) البرية.

وفي بعض الأحيان يوضع “سماق” وهو نوع من التوابل الحمراء حامضة الطعم بدلا من الخل أو بدلا من أحد المكونات الأخرى، أو يتم الاستعانة بالتفاح “سيب”.

 

 

[المصدر: موقع الحرة]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى