قصص

 هارون الرشيد والبرمكية

يقال إنّ في عصر الخليفة هارون الرشيد دخلت امرأة من أهل برمك وهم البرامكة وعنده مجموعة من الناس من حاشيته وأصحابه، فبادرته بالقول “يا أمير المؤمنين أقر الله عينك وفرحك بما أتاك وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت”.

اقرأ المزيد: جحا في القبر

فسألها هارون الرشيد من تكونين أيتها المرأة؟ فأجابته أنّها من آل برمك الذين قمتَ بقتل رجالها وأخذتَ أموالها وسلبتَ نوالها، فانتبه الخليفة لما قالته المرأة، وقال لها: أمّا الرجال الذين تذكرينهم فقد نفذ فيهم أمر الله عز وجل، أما الأموال التي تسألين عنها فهي ستردّ إليك، ثم التفت إلى أصحابه وحاشيته فسألهم هل أدركتم ما قالت هذه المرأة؟ فكان جوابهم أنها قالت قولًا ما فيه إلا الخير، فردّ عليهم الخليفة وقد عُرف بالنباهة والبلاغة: ما أظنّكم فهمتم ما قصدته، فأمّا قولها (أقرّ الله عينك) أي أنّها تقصد أسكنهما الله عن الحركة، وإذا ما سكنت عين الإنسان فإنه يُصاب بالعمى. أمّا قولها (فرحك بما أتاك) فقد أخذته من قول الله عز وجل: {حَتّى إِذا فَرِحوا بِما أوتوا أَخَذناهُم بَغتَةً} وأمّا قولها (أتمّ الله سعدك) فقد أخذته من قول الشاعر: إذا تمّ شيئًا بدا نقصه/ ترقّب زوالًا إذا قيل تم، وقولها (لقد حكمت فقسطت)، فأخذته من قول الله عز وجل: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}.

فما كان من أصحاب هارون الرشيد والحاشية إلا التعجب والاندهاش من مدى بلاغة هذه المرأة وسعة العلم عندها، إذ إنّها في ظاهر الأمر بدت وأنها تدعو للخليفة بكل ما هو حسن، ولكن في حقيقة الأمر كانت تدعو عليه بأسوأ الدعاء، ولم ينبه لها أحد سوى الخليفة.

[المصدر: موقع موضوع]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى