سير

رجاء بن حيوة الكندي.. الفقيه والمهندس الذي أبدع في قبة الصخرة

المقدمة

رجاء بن حيوة الكندي، المعروف بابن جرول أو ابن جزل، كان واحدًا من كبار التابعين في العصر الأموي، واشتهر بفقهه وورعه، إلى جانب براعته في الخط والهندسة. كان من المقربين للخلفاء الأمويين، خصوصًا عبد الملك بن مروان، وأسهم بدور بارز في الإشراف على بناء قبة الصخرة في القدس، حيث كان أحد المهندسين الذين أشرفوا على تفاصيل زخارفها ونقوشها الإسلامية.

 

نشأته وحياته العلمية

وُلِد رجاء بن حيوة في أواخر القرن الأول الهجري، ويرجح أن يكون من أهل فلسطين، حيث عاش في بيسان ثم انتقل إلى بيت المقدس. نشأ في بيئة علمية، وتأثر بكبار العلماء والصحابة، فتلقى علوم الفقه والحديث، واشتهر بتقواه وحكمته.

كان رجاء فقيهًا بارعًا ومحدثًا موثوقًا، روى عن كبار الصحابة مثل أنس بن مالك، وكان له تلاميذ من العلماء الذين نقلوا علمه. وقد عُرف بتقديم النصح للخلفاء بحكمة، وكان أحد المستشارين المقربين لهم، مما جعل له دورًا في صناعة القرار في الدولة الأموية.

 

دوره في بناء قبة الصخرة

عندما قرر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بناء قبة الصخرة في القدس عام 72هـ، كان الهدف هو تشييد معلم إسلامي بارز يبرز عظمة الإسلام والفن الإسلامي. وقد وقع الاختيار على رجاء بن حيوة ليكون أحد المشرفين على المشروع، إلى جانب يزيد بن سلام.

كان دوره أساسيًا في تصميم وتنفيذ الزخارف والنقوش التي زينت القبة، والتي امتازت بالدقة والجمال، وتعكس تأثير الفنون الإسلامية الناشئة آنذاك. ساهم في اختيار الخطوط المستخدمة في الكتابات القرآنية التي زُينت بها القبة، مما جعلها تحفة فنية خالدة حتى يومنا هذا.

 

دوره السياسي والإداري

إلى جانب عمله الفقهي والهندسي، كان رجاء بن حيوة من المستشارين الموثوقين لدى الخلفاء الأمويين، مثل سليمان بن عبد الملك، وكان له دور في تعيين عمر بن عبد العزيز خليفة بعد وفاة سليمان. يُنسب إليه أنه من أشار على سليمان بترشيح عمر بن عبد العزيز، مما أثر في مسار التاريخ الإسلامي، نظرًا لما عرف عن عمر من عدل وإصلاح.

 

وفاته وإرثه

توفي رجاء بن حيوة في أواخر القرن الأول أو بداية القرن الثاني الهجري، تاركًا وراءه إرثًا علميًا وهندسيًا مهمًا. ظلت قبة الصخرة شاهدًا على براعته الهندسية، كما استمر أثره في الفقه من خلال تلاميذه والروايات التي نقلوها عنه.

 

الخاتمة

كان رجاء بن حيوة عالمًا موسوعيًا جمع بين الفقه، الحديث، والهندسة، وساهم في صنع معلم إسلامي خالد. لم يكن مجرد عالم أو مستشار، بل كان شخصية أثرت في تاريخ الإسلام علميًا وسياسيًا، وظل اسمه مرتبطًا بإحدى أروع التحف المعمارية الإسلامية: قبة الصخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى