أُحبّ فيِك زمزمَ، وإن سألوني عن حُبّها، قُلت لهم: الحبّ عندي زمزم، بل زمزم هي الحبّ، ولست بغيرها أطعم.
وهذا الحبّ أغرقني اشتياقاً، فمن في حبِّ مكّة قد يُلامَ.
تتعانقُ الأرواحُ في مكّة، وليست فقط الأرواحُ الّتي ما زالت على قيد الحياة، بل تلك الأرواح القديمة الّتي أنشأت قواعد الإسلام، فيكاد الإنسان أن يلمس الصّحابة لفرط شوقه إليهم.
خلال رحلتي في الشّرق كلّه لم أشعر براحةٍ مثل الّتي شعرت بها في مكّة في أثناء إقامتي فيها.
ما أحوج الإنسان إلى كتفٍ من الرّحمة يستند إليه في أوقات ضعفه وضيقه، وليس ذلك الكتف سوى مكّة المكرّمة.
لو كانت الأرض كلّها جسداً لما كانت روح الأرض إلّا مكّة المكرّمة.
في مكّة المسائل تسُأل، وهُنا الأحزان تُغسل، وهُنا الهموم تتبدّل.
مكّة هي نور الأرض وجماله وبسمته، فما الأرض دون بقعة يبحث الإنسان فيها عن ذاته، فيجدها في ذلك المكان الّذي لا يختلف عن غيره سوى بالطّمأنينة والرّحمات.
لمكَّةَ يشتاقُ القلب، وترفرف إليها الرُّوحُ.
مكّة قبلة المسلمين، وهي مهبط الوحي، ومنطلق الرّسالة، مكّة هي البلد الأمين، وهي أشرف الأماكن وأجلّ المقدّسات وأطهر البلاد.
الشّوق لمكّة المكرّمة وبيت الله الحرام لا يُعادله شوق، ولا توازيه محبّة، فمن استنشق هواءها يظلُّ عالقاً به، ولا يمكن نسيان جمالها، وكلّما حل مساء معلناً انقضاء نهار يوم ودخول ليلة، وبزوغ فجر وشروق شمس، توجهت الأبصار، ونطقت الألسن داعية لبّيك يا مكّة الخير.
[المصدر: موقع قول]
