الدكتورة حياة سندي: رائدة سعودية في التقنية الحيوية والابتكار العلمي

ولدت #الدكتورة_حياة_بنت_سليمان_سندي في 6 نوفمبر 1967 في مدينة مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية، لتصبح لاحقًا واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في العالم الإسلامي والعربي في مجال العلوم الحيوية والتقنية. تميزت منذ صغرها بشغفها بالعلوم والطبيعة، وقد واجهت تحديات كبيرة في تحقيق طموحاتها العلمية ضمن بيئة كانت آنذاك محدودة في دعم النساء في مجالات البحث العلمي المتقدم، لكن إصرارها جعلها نموذجًا عالميًا يحتذى به.
المؤهلات العلمية والتكوين الأكاديمي
بدأت رحلتها العلمية عندما انتقلت إلى المملكة المتحدة للدراسة، وهناك درست في جامعة كينجز كوليدج بلندن (King’s College London)، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في علم الأدوية عام 1995، ثم تابعت مسيرتها الأكاديمية بالحصول على درجة الدكتوراه في التقنية الحيوية من جامعة كامبريدج العريقة عام 2001، لتصبح بذلك أول امرأة سعودية من منطقة الخليج تحصل على هذا المؤهل الرفيع في هذا التخصص العلمي الدقيق.
أبرز المحطات المهنية والتأثير العالمي
لم تكتفِ الدكتورة سندي بالنجاح الأكاديمي، بل سعت منذ البداية إلى تسخير العلم في خدمة الإنسانية، ولذلك انخرطت في مشاريع بحثية وريادية تمس الفئات الأقل حظًا في العالم. ومن أهم محطاتها المهنية:
1. المشاركة في برنامج “زمالة الابتكار التكنولوجي” بجامعة هارفارد، حيث أسهمت في تطوير أدوات تشخيصية منخفضة التكلفة وقابلة للنقل إلى المناطق النائية. وكان لهذا البحث تطبيقات كبيرة في مراقبة الأمراض الوبائية في الدول النامية.
2. تأسيس مؤسسة “التشخيص للجميع” (Diagnostics For All)، بالتعاون مع عدد من العلماء في جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتقنية (MIT)، والتي ركزت على ابتكار أدوات تشخيصية بسيطة وغير مكلفة يمكن استخدامها في المجتمعات الفقيرة، وخاصةً للكشف عن الأمراض المزمنة أو المعدية مثل التهاب الكبد وفقر الدم.
3. إنشاء “معهد i2” للابتكار في عام 2011، والذي يهدف إلى دعم المبتكرين الشباب في العالم العربي، وخصوصًا في السعودية، لتطوير أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع تقنية مستدامة، مزوّدةً برؤية تؤمن بأن العلم يجب أن يرتبط بالمسؤولية الاجتماعية.
اختراعات ومساهمات علمية
حصلت الدكتورة سندي على أكثر من 10 براءات اختراع في مجال التكنولوجيا الحيوية، خاصة المتعلقة بتقنيات التشخيص الجزيئي. من أشهر اختراعاتها:
– جهاز صغير بحجم اليد لتشخيص الأمراض باستخدام سوائل الجسم دون الحاجة إلى كهرباء أو مختبرات متطورة، وهو اختراع ذو أثر بالغ في المناطق النائية والفقيرة.
– تطوير أجهزة تحليلية محمولة باستخدام الورق، تساعد في رصد مستويات الجلوكوز أو وظائف الكبد أو مؤشرات الأمراض المعدية، بتكلفة لا تتعدى سنتًا واحدًا، وهو ما اعتبر ثورة في مجال الطب الوقائي.
مناصب وجمعيات علمية
انضمت الدكتورة سندي إلى عدد من الهيئات العلمية والاستشارية المرموقة، أبرزها:
– عضو المجلس الاستشاري العلمي للأمم المتحدة منذ عام 2013، وكانت من أوائل النساء العربيات في هذا الموقع الدولي.
– عضو في منظمة اليونسكو كمستشارة للعلوم.
– عملت ضمن لجنة الخبراء في منظمة التعاون الإسلامي (OIC) لدعم التعليم العلمي في الدول الإسلامية.
– مستشارة في مجلس الشورى السعودي منذ عام 2013، وهو تعيين تاريخي جاء ضمن أول دفعة نسائية تنضم إلى المجلس، وقد لعبت دورًا بارزًا في تعزيز سياسات دعم البحث العلمي والتقنية في المملكة.
جوائز وتكريمات
لتميزها الأكاديمي والعلمي والإنساني، حصلت حياة سندي على عدد من الجوائز الدولية الرفيعة، من أبرزها:
– جائزة “المبتكر العالمي” من منظمة MIT عام 2011.
– تكريم من منظمة “تايم” ضمن قائمة أهم 100 شخصية مؤثرة في العالم.
– جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للإنجاز العلمي.
– جائزة الشخصية النسائية التقنية لعام 2012 من مؤتمر قمة المرأة العربية في التقنية.
– وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى تقديرًا لإسهاماتها العلمية.
كما تم تصنيفها من قبل العديد من المؤسسات العالمية ضمن أكثر النساء تأثيرًا في مجال العلوم في العالم الإسلامي.
أسباب التميز وسياقه العالمي
تميز الدكتورة حياة سندي ينبع من قدرتها الفريدة على دمج العلم بالتأثير المجتمعي. فهي لا تنظر إلى الاختراع كغاية، بل كوسيلة لحل المشكلات الإنسانية، خاصة في مناطق النزاعات أو الفقر المدقع. كما أن توقيت ظهورها تزامن مع تصاعد الخطاب العالمي حول تمكين المرأة في العلوم ودعم الابتكار لخدمة التنمية المستدامة.
في السياق الشخصي، تأثرت حياة كثيرًا بشخصيات ملهمة مثل ماري كوري في تفانيها للعلم، وستيف جوبز في الابتكار خارج الأطر التقليدية. كما تأثرت بدور والدتها في دعمها المبكر، وهو ما ذكرته مرارًا في لقاءاتها.
أثرها في مجال التقنية الحيوية والتمكين
أحدثت حياة سندي نقلة نوعية في مجال التقنيات التشخيصية منخفضة التكلفة، وأسهمت بشكل مباشر في تحسين الرعاية الصحية في أكثر من 25 دولة نامية عبر تطبيقات أدواتها. كما لعبت دورًا مهمًا في تغيير صورة المرأة العربية في الأوساط الأكاديمية والعلمية الغربية، لتصبح رمزًا لـ”المرأة العالمة” التي تجمع بين الأصالة والابتكار.
تُقدّر عدد الأوراق البحثية والدراسات التي شاركت بها بأكثر من 30 بحثًا منشورًا في مجلات علمية مرموقة، إلى جانب عشرات المحاضرات العالمية في مؤتمرات اليونسكو، دافوس، وجامعات مثل MIT وهارفارد وأكسفورد.
ختامًا
تمثل حياة سندي نموذجًا عالميًا في مزج العلم بالإنسانية، وسيدة حفرت لنفسها مكانة بين كبار العلماء رغم التحديات الثقافية والجغرافية. لم تكن حياتها رحلة شخصية نحو التميز فقط، بل كانت دعوة مفتوحة للشباب العربي والمسلم بأن الطموح لا تحده الجغرافيا ولا التقاليد، وأن العلم قادر على أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة البشر، إذا ما اقترن بالقيم والأخلاق والنية الصادقة في خدمة الآخرين.