سير

سيرة آن فرنك

كانت أناليز ماري فرانك، المولودة في 12 حزيران/ يونيو عام 1929، كاتبة مذكرات ألمانية المولد، نالت شهرة واسعة، كما كانت ضحية من ضحايا المحرقة اليهودية. قرأ عملها “مذكرات آن فراك”، الملايين. انتقلت عائلتها إلى أمستردام هربًا من الاضطهاد النازي لليهود لتختفي فيما بعد لمدة عامين. أثناء هذه الفترة الزمنية، كتبت فرانك عن تجاربها وأمانيها. كانت في الخامسة عشر من عمرها، حين عُثر على العائلة وأُرسلت إلى معسكر اعتقال، حيث قضت هنالك.

بدايات آن فرانك

وُلدت آن فرانك في 12 حزيران/ يونيو عام 1929، في فرانكفورت، ألمانيا. والدتها هي إيديث فرانك. ولها شقيقة تُسمى مارغو، كانت أكبر منها بثلاث سنوات. أما والدها فهو أوتو فرانك، وكان ملازما في الجيش الألماني أثناء الحرب العالمية الأولى، أصبح بعدها رجلَ أعمال في ألمانيا وهولندا، كان الناجي الوحيد لعائلته المباشرة من معسكرات الاعتقال. عاد في نهاية الحرب إلى منزله في أمستردام، باحثًا بقنوط عن أخبار عائلته. ليلتقي في 18 تموز/ يوليو عام 1945 بشقيقتين كانت مع ابنتيه: آن ومارغو في بيرغن-بيلسن، حيث أخبرتاه بموت ابنتيه المفجع.

لدى عودته إلى أمستردام، عثر أوتو على مذكرات آن، التي حافظ عليها ميب جيس. حيث تمكن في النهاية من استجماع قواه وقراءتها، فاعتراه الذهول مما قرأه واكتشفه لينشر هذه المذكرات ككتاب، فكتب في رسالة إلى والدته: “لقد اكتشفت هنالك آن مختلفة عن تلك الطفلة التي فقدتها، لم تكن لدي أية فكرة عن عمق أفكارها ومشاعرها”.

كانت عائلة فرانك عائلة يهودية ألمانية نموذجية لعائلة تفوق الطبقة الوسطى، وكانت تحيا في وسط هادئ متعدد الأديان في ضواحي فرانكفورت. إلا أن آن وُلدت عشية تغيرات كبرى في المجتمع الألماني، ومن شأن هذه التغيرات أن تضع حدًا للدعة والطمأنينة التي كانت تحيا بها عائلتها، إضافة إلى حياة جميع اليهود الألمان.

انتقل آل فرانك إلى أمستردام، هولندا، خريف عام 1933. ووصفت آن فرانك ظروف هجرة عائلتها بعد سنوات في مفكرتها: “هاجر والدي إلى هولندا عام 1933، لأننا كنا يهودًا، حيث أصبح المدير الإداري لشركة أوبيكتا الألمانية، التي تقوم بتصنيع منتجات تستخدم في صناعة المربى”. وبعد سنوات من تحمل معاداة السامية في ألمانيا، أُسعِف آل فرانك مرة أخرى بالاستمتاع بالحرية في موطنهم الجديد، أمستردام. ويقول أوتو: “في تلك الأيام، كان من الممكن بالنسبة لنا البدء من جديد والشعور بالحرية”.

وبدأت آن فرانك دراستها في مدرسة مونتيسوري السادسة في أمستردام عام 1934، وباقي فترة الثلاثينيات، عاشت بسعادة نسبية وطفولة طبيعية. وكان لفرانك العديد من الأصدقاء، الألمان والهولنديين، يهود ومسيحيين، وكانت طالبة ذكية وفضولية.

 

ولكن قُدر لذلك كله أن يتغير في 1 أيلول/ سبتمبر عام 1939، حين اقتحم النازيون الألمان بولندا، مشعلين صراعًا عالميًا، سيكبر ليصبح الحرب العالمية الثانية. وفي شهر أيار/ مايو عام 1940، اقتحم الجيش الألماني هولندا، وهُزمت القوات الهولندية بعد أيام من القتال. واستسلم الهولنديون في 15 أيار/ مايو عام 1940، وكان هذا التاريخ بداية الاحتلال النازي لهولندا. وكما كتبت فرانك في مذكراتها بعد ذلك: “بعد أيار/ مايو 1940، كانت الأوقات الجيدة نادرة ومتباعدة، فأولًا كانت هنالك الحرب، وبعد ذلك، كانت اتفاقية الاستسلام ووصول الألمان، حين بدأت المتاعب بالنسبة لليهود”.

وبدءًا من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1940، فرض المحتلون النازيون على هولندا معايير معادية لليهود. فكان على اليهود ارتداء نجمة داوود ذات لون أصفر على مدار الوقت والالتزام بحظر شديد للتجول، كما حُرموا من أن يكون لهم عملهم الخاص. وأُجبرت آن فرانك وشقيقتها على الانتقال إلى مدرسة يهودية معزولة. ورتب أوتو فرانك أموره للسيطرة على شركته، عبر توقيع صك ملكيتها الرسمي باسم اثنين من شركائه المسيحيين، وهما: جو كليمان وفيكتور كوغلر، واستمر بإدارة شركته من وراء الستار.

في 5 تموز/ يوليو عام 1942، تلقت مارغو استدعاءً رسميًا لأحد معسكرات العمل الألمانية النازية، وفي اليوم التالي تمامًا، توارت عائلة فرانك عن الأنظار في منزل أُعد خصيصا لهذا الغرض في مساحة فارغة تقع في الفناء الخلفي لبناء شركة أوتو فرانك، ورافقهم في مخبئهم هذا شريك أعمال أوتو، هيرمان فان بيلز، إضافة إلى زوجته، أوغست، وابن لهما اسمه بيتر. وقام موظفو أوتو كليمان وكوغلر، بالإضافة إلى جان وميب جيس وبيب فوسكويجل، بتزويد العائلة بالطعام والمعلومات حول العالم خارج المنزل.

قضت العائلتان عامين من الاختباء، ولم تخطو أي منهما خطوة واحدة خارج القسم المعزول والمظلم والكئيب من البناء.

حقائق عن آن فرانك

تُرجمت مذكراتها منذ نشرها إلى 67 لغة.

توفيت قبل أسابيع من تحرير الجنود البريطانيين لمعسكر الذي اعتُقلت فيه، وقضت نتيجة مرض التيفوس.

في حملة أُطلقت تكريمًا لها، غرست المؤسسة المسماة باسمها في الولايات المتحدة شجر كستناء في أحد عشر موقعًا من الولايات المتحدة.

يقع منزلها في قنال برينسينغراخت بالقرب من ويستركيرك، وسط أمستردام. وهو مخصص للفترة الزمنية العائدة إلى الحرب.

وفاة آن فرانك

في 4 آب/ أغسطس عام 1944، دخل شرطي سري ألماني بصحبة أربعة من النازيين الهولنديين المخبأ السري، واعتقلوا كل من كان موجودًا هناك. لقد خانهم طرف غير معروف، وبقيت هوية خائنهم مجهولة حتى اليوم. ونُقل قاطنوا المخبأ السري إلى معسكر فيستربورك، وهو معسكر اعتقال كان يقع شمالي هولندا، ووصلوا إلى هنالك باستخدام قطار لنقل المسافرين في 8 آب/ أغسطس عام 1944. ونُقلوا بعد ذلك إلى معسكر الموت” أوشفيتز” في بولندا منتصف ليلة 3 أيلول، سبتمبر عام 1944. وفور وصولهم إلى أوشفيتز، فُصل الرجال عن النساء، وكانت تلك المرة الأخيرة التي يشاهد فيها أوتو فرانك زوجته وابنتيه.

بعد شهور من العمل المضني في جر الأحجار الثقيلة وضفر النجيل، نُقلت آن ومارغو ثانية أثناء الشتاء إلى معسكر بيرغن- بيلسن في ألمانيا، حيث توفيت الفتاتان في شهر آذار/ مارس من عام 1945. ولم يُسمح لوالدتهما بمرافقتهما، كما سقطت إيديث فرانك صريعة للمرض وتوفيت في أوشفيتز بعد فترة قصيرة من وصولها إلى المعسكر، في 6 كانون الثاني/ يناير عام 1945.

إنجازات آن فرانك

كانت the secrets Annex: Diary letters مختارات من رسائل تدون مذكرات لآن فرانك نُشرت بين 14 حزيران يونيو 1942، وحتى الأول من آب/ أغسطس عام 1944 ، ونشرها والدها أوتو، في 25 حزيران/ يونيو عام 1947. وقال حينها: “ستكون فخورة جدًا، لو قُدّر لها البقاء هنا”، وبسبب الإحباطات التي عاينتها مذكراتها، فهي تعد قصة على قد خاص من الأهمية، فهي قصة إيمان وأمل وحب في وجه الكراهية.

بدأت القصة حين قدم لها والداها مفكرة ذات مربعات ملونة، بمناسبة عيد مولدها الثالث عشر. وكتبت أول مدخل لها موجهاً إلى صديقة خيالية تُدعى كيتي، كتبت في هذا اليوم: “أتمنى أن أكون قادرة على أن أفضي لك بكل شيء، لم أستطع يومًا أن أفضي إلى أحد بشيء، وأتمنى أن تكوني مصدرًا عظيمًا للراحة والدعم”.

وأثناء عاميها اللذين قضتهما وعائلتها مختبئة في منزلها في أمستردام، كتبت مُدخلات يومية مسهبة في مفكرتها، وذلك في محاولة منها لتمرير الوقت. وكشف بعض من هذه اليوميات عمق اليأس الذي كانت تمر به يومًا بعد يوم من أيام احتجازهم. فقد كتبت في 3 شباط/ فبراير من عام 1944: “لقد وصلت إلى مرحلة بالكاد أهتم بها، ما إذا كنت ميتة أم على قيد الحياة، فالعالم سيبقى في تحول بدوني، وعلى أية حال، لا أستطيع القيام بما أغير به الأحداث”. ومع ذلك أتاح لها قيامها بالكتابة الحفاظ على معنوياتها وقواها العقلية، حيث كتبت في 5 نيسان/ أبريل عام 1944: “حين أكتب، أنفض عني جميع مخاوفي”.

ومنذ أن نُشرت هذه المذكرات بالإنكليزية، تُرجمت إلى سبع وستين لغة. وصدر منها ما لا يُعد ويُحصى من الطبعات، إضافة إلى عروض مسرحية وسينمائية قُدمت لهذا العمل حول العالم.

وتبقى مذكرات آن فرانك خالدة، لا بسبب الأحداث الكبيرة التي تصفها، ولكن نتيجة موهبتها التي تفوق العادة وروحها التي لا تعرف الكلل أثناء أكثر الظروف رعبًا. فكتبت في 15 تموز/ يوليو عام 1944: “من المستحيل كليًا أن أبني حياتي على أساس من الفوضى، والمعاناة والموت، أرى أن العالم آخذ بالتحول ببطء إلى عالم متوحش، وأسمع الرعد المقترب الذي سيدمرنا نحن أيضًا يومًا ما. أشعر بآلام الملايين. ومع ذلك، حين أنظر إلى السماء، أشعر بطريقة ما أن كل شيء سيتغير نحو الأفضل، وستنتهي هذه الوحشية أيضًا، وسيعود الأمان والطمأنينة مرة أخرى”.

وإضافة إلى مذكراتها، قامت فرانك بملء دفتر باقتباسات لكتابها المفضلين، وكشفت كتاباتها عن قدرة بيانية ومشاعر عميقة وإبداعية، تفوق عمر هذه الفتاة المراهقة.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان المخبأ السري على قائمة المباني المزمع تدميرها، إلا أن مجموعة من الأشخاص تكاتفت وأسست ما تُعرف اليوم بمؤسسة منزل آن فرانك. هذا المنزل حفظ مكان اختباء العائلة، وهو اليوم واحد من أكثر ثلاثة متاحف شعبية في أمستردام.

وفي حزيران/ يونيو عام 2013، خسر منزل آن فرانك دعوى قضائية لصالح مؤسسة آن فرانك، وذلك بعد أن قاضت المؤسسة المنزل لإعادة مستندات عائدة لآن وأوتو فرانك. وتعود ملكية مفكرة آن وكتاباتها الأخرى إلى الحكومة الهولندية التي كانت مدينة دوما للمنزل منذ عام 2009. في عام 2015، خسرت المؤسسة، حاملة حقوق الطباعة لمذكرات آن فرانك، دعوى قضائية ضد المنزل بعد أن باشرَ المنزلُ بحثًا علميًا جديدًا على نصوص آن فرانك في عام 2011.

وفي عام 2009، أطلق مركز آن فرانك في الولايات المتحدة مبادرة وطنية تدعى مشوع شتلة؛ وذلك لزراعة شجيرات تعود إلى شجرة كستناء عمرها 170 عامًا، وذلك في أحد عشر موقعاً مختلفاً من البلاد، والكستناء هي فاكهة آن المفضلة، كما صرَّحت في مذكراتها.

 

 

 

المصدر: موقع أراجيك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى