سير

سيرة حياة الشاعر العرجي (694م - 738م)

هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، فهو شاعر أمويٌّ قرشيُّ، منذريّة الصحابي الجليل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فهو والدُ جدِّ عمرو بن عثمان بن عفان التابعي الشهير، ووالدته آمنة بنت عمر بن عثمان بن عفان، فهي ابنة عمِّ والده.

 

وردَ نسبه بذلك الشكل في كتاب أنساب الأشراف، وكتاب أنساب قريش، وكتاب جمهرة أنساب العرب، ولقِّب الشاعر عبد الله بن عمر بالعرجي نسبةً إلى إحدى القرى التابعة لمدينة الفرع، والتي تسمَّى العَرج وتقع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقيلَ هو أحد وديان الحجاز قرب الطائف، وقد ولِدَ هذا الشاعر وعاش في العصر الأموي.

 

نقل معظم المؤرخين أنَّ الشاعر العرجي نشأ فاحشَ الثراء، حيث كان يدفع من غير خوف قلة ولا فقر، وقد دلَّ على كثرة أمواله، كثرةُ إبله وخدمه وغلمانه، وقد أشار إلى ذلك في غير موضع من أشعاره.

 

وكان هذا المال له وإخوته، ويذكر أنَّه كان له عم واحد فقط اسمه عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان، وزوجته عثيمة بنت بكير بن عثمان بن عفان، ووالدة زوجته سكينة بنت مصعب بن الزبير، لذلك فقد نشأ كثيرَ الأموال وافرَ النعمة، لا يردُّ سائلًا، ولا يغلق بابه في وجه أحد.

 

كان العرجي محبًّا للصيد، وقد يكون لمسكنه في أحد وديان الحجاز بين البساتين النضرة وكثرةِ المال وأوقات الفراغ بين يديه أثر كبير على شغفه بالصيد واللهو، وكان ينفِّس عن همومه بخروجه إلى الصيد وممارسة هوايته الأحب إليه، وكان يخرج برفقة الموالي والغلمان والفهود والكلاب والصقور خاصَّته، فكان بارعًا في الصيد إلى حدٍّ كبير.

 

صفات العرجي:

 

تميَّز الشاعر العرجي عن بقية الشعراء في عصره كونه شاعر وفارس بني أمية، وفيما يأتي أهم صفاته الخَلقية والخُلقية التي اتَّصف بها:

 

_ الوسامة وحسنُ المظهر، وقد تميزت سلالته بذلك، فقد لقِّب عمه بالمطرف، وابن عمِّه عمر لقِّب بالديباج، وذلك لحسنهما.

 

_ الفحش وبذاءة اللسان، ورجَّح النقاد ذلك لأنَّه نشأ يتيم الأبوين.

 

_ قلَّة الرضا عن الناس، فقد كان يتذمَّر من الناس لأنَّهم لم يعاملوه كما ينبغي حسب اعتقاده.

 

_ الشجاعة والفروسية التي جعلته لا يهاب المخاطر ولا يخشى الحروب ولا المعارك.

 

_ النخوة والشرف ومد يد العون للناس ومساعدتهم، فكان ينفق من ماله الكثير لمساعدة الناس.

 

_ الكرم وحسن الضيافة، فقد كان يفتح بيته لكل من يطرق بابه ويقصده.

 

_ الدعابة والسخرية وحس الفكاهة وخفَّة الروح.

 

شعر العرجي:

 

يعدُّ الغزل الفن الذي طغى على بقية الأغراض الشعرية عند الشاعر العرجي، فكان من الذين اهتموا بالشعر على حساب بقية الأغراض، شأنه في ذلك شأن عمر بن أبي ربيعة وجميل بثينة والأحوص وغيرهم، وقد وصِف شعر الغزل عند العرجي بأنَّه بسيط وساذجٌ ومباشر، لا يتلاعب فيه ولا يحكِم فيه على أية قضية.

 

اكتفى الغزل عنده بذكر أسماء النساء، وكان يدعي فيه أنَّه يبادلهنَّ العشق، فكان غزله نسيبًا وليس غزلًا، وقد امتزج الغزل عنده بعناصر أخرى مثل: العنف، ومهاجمة رجالات الدولة، وتهافته على اللذات والشهوات، حتى إنَّه كان يتعرض للنساء في الحج ويتقصد الذهاب لرؤيتهنَّ.

 

ظهر الفخر في قصائد العرجي أحيانًا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقد أتاح له نسبه الشريف المنحدر من بطون أمية وقريش للافتخار بهذا النسب، والذي يعدُّ أرفع الأنساب عند العرب، فجاء الفخر في قصائد مختلفة من الغزلية وغيرها.

 

كان يفخر بنفسه كثيرًا ويعتدُّ بها، ويفخر بفروسيته وبطولاته وشجاعته وفرسه، فيصف نفسه أنَّه البطل الذي يجوب الفيافي والقفار على الفرس وسيفه بيده، وكان معظم الفخر لديه بنفسه وصفاته التي نسبها إلى نفسه، حتَّى إنَّه عابَ على قومِه كيفَ أضاعوا فتىً مثله.

 

سجنه ووفاته:

 

اختلف المؤرخون في الأسباب التي أدَّت إلى سجن الشاعر العرجي، ولكنَّ الاتفاق كان فيما بينهم على أنَّه سجن في زمن محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان في ذلك الوقت واليًا للخليفة هشام بن عبد الملك على المدينة المنورة، وقد ذكرَت العديد من الأسباب لسجنه.

 

رويَ أنَّ سبب سجنه هو هجاء محمد بن هشام وهو خال هشام بن عبد الملك، فعندما تولَّى هشام بن عبد الملك أرسله واليًا على مكة المكرمة وأمره أن يحجَّ بالناس، فهجاه العرجي بالكثير من الأشعار، ورأى أنَّه لا يستحق المنصب الذي تولَّاه.

 

ذكِرَ أيضًا أنَّ سبب السجن هي أبيات قالها الشاعر العرجي يتغزَّل بزوجة محمد بن هشام واسمها ندى جبرة المخزومية، فقد أشار إليها بأنَّها من ربَّات الصقور، وأنَّه ليس من عاداتها أن تصدَّه.

 

[المصدر: موقع موضوع]

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى