سير

سيرة حياة جورج برنارد شو

ولد جورج برنارد شو يوم 26 يوليو/تموز 1856 في العاصمة الأيرلندية دبلن لأسرة فقيرة، عمل والده موظفا مدنيا في إحدى المحاكم، وأمّا والدته فهي ابنة أحد ملاك الأراضي، وكانت مغنية مهتمة بالموسيقى، الأمر الذي أثرَ على ميولهِ منذ مرحلةٍ مبكرة من عمره.

الدراسة والتكوين

بدأ برنارد شو بتلقي تعليمه الديني على يد عمه الكاهن، ثم دخل المدرسةَ ليكملَ دراسته الأساسية، ولما بلغ ستة عشر عاما ترك الدراسة، وانتقل للعمل موظفا في مكتب وكيل الأراضي.

لم يُثنهِ تركُ المدرسة عن استكمال تعليمه خارجها، فقد تعلم بجهده الذاتي العديد من المهارات، لا سيما اللغات اللاتينية والإغريقية والفرنسية.

قررت والدته الانفصال عن زوجها والانتقال للحياة في لندن، فلحقَ بها شو عام 1876، وهناك بدأ يتردد على المتحف البريطاني، وكان يقضي أوقاتاً طويلة في مطالعة الروايات والكتب، مما أكسبه نماءً في فنون الثقافة والأدب والموسيقى أهّله لبدء حياته الأدبية.

تزوج شارلوت باين تاونسند، وهي وريثة أيرلندية كان لها الأثر الكبير في تفرغه الكامل للمسرح، بسبب ثرائها ودعمها له بالمال، فتضاعف إنتاجه من الأعمال الدرامية، مثل “قيصر وكليوباترا” و”الإنسان والسوبرمان” و”الرائد باربرا”.

التجربة الأدبية والسياسية

بدأ برنارد شو حياته الأدبية منذ مرحلة مبكرة، ففي الفترة التي عاش فيها في أيرلندا كانت والدته تشجعه على زيارة المعرض الوطني الذي يحتوي على مجموعة اللوحات الأيرلندية الفنية، وبعد قدومه إلى بريطانيا، حثته على قضاء ساعات طويلة في المتحف البريطاني قارئاً للكتب مطالعا لها.

أنتج 5 روايات تعدّ باكورة لعمله الأدبي وهي: “عدم النضج”، و”العقدة اللاعقلانية”، و”الحب بين الفنانين” و”مهنة كاشل بايرون”، و”الاشتراكي واللااشتراكي”، لكن من سوء حظه أن هذه الأعمال لم تلقَ نجاحاً لدى القارئ، فاتجه إلى الاهتمام بالكتابة المسرحية.

اتسمت كتابته بالأسلوب الساخر، فعندما حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1925 سخر من مؤسسها ألفرد نوبل قائلاً “إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت، ولكنني لا أغفر له أنه أطلق جائزة نوبل”، واستمر بالسخرية منها، حين وصف الجائزة بأنها طوق النجاة الذي يمنح لمن وصل إلى شاطئ الأمان.

عبّر عن أفكاره بطريقة مثيرة للجدل، ومنها تأسيس مجتمع إنساني بطرق لاإنسانية، من خلال السماح لمن يحمل صفات مرغوبا بها في المجتمع بالزواج والإنجاب، ومنع الفقراء والطبقات الضعيفة من الإنجاب، فهو يعتقد أنّ سبب فقر الإنسان شيء وراثي، هذه الأفكار ومثلها جعلت لبرنارد شو انتشارا عالميا في الأوساط الثقافية.

آمن شو بفكرة تغيير المجتمع تدريجيا، وانضم إلى “الجمعية الفابيانية” وهي جمعية إنجليزية سعى أعضاؤها إلى نشر المبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية، ولم يكن دوره فيها بعيدا عن الكتابة، فقد تولَّى تحرير الورقة الدعائية للجمعية، التي كانت عبارة عن مقالات اشتراكية.

الوظائف والمسؤوليات

اتسمت مرحلة الشباب لدى برنارد شو بالفقر، وعلى الرغم من ذلك فلم يهتم بالبحث عن عمل يكسب به أجرًا يكفيه، وانكبّ على القراءة والمطالعة في المتحف البريطاني في لندن، واعتمد على والدته في النفقة، فقد كان يقضي بياض يومه بالمطالعة وسواد ليله بالنقاش.

بعد ثلاث سنوات من وصوله إلى لندن، انضم إلى ناد للمناقشات الفكرية، وكان يرفض أن يتقاضى عن مناقشاته أي أجر، معتقدا أن تلقيه الأجر مقابل أفكاره يفقده حرية الرأي.

اهتم بالمسرح ناقدا ثم كاتباً، ففي عام 1885 أصبح ناقداً أدبيا لجريدة “بال مول”، ثم ناقداً فنياً لجريدة “إل موندو”، وبين عامي 1888 و1890 كان أيضا ناقداً موسيقيا لمجلة “النجم”.

كتب أُولى مسرحياته “لطيفة وغير لطيفة” عام 1898، ثم تبعها تأليف العديد من المسرحيات. هذا التحول في حياة برنارد شو جعله ميسور الحال بعد أن لاقت نصوصه المسرحية نجاحاً كبيراً.

حاول حزب العمال البريطاني أن يستثمره في دعم موقف الاشتراكيين داخل مجلس اللوردات، عبر الدفع به لنيل عضوية المجلس، لكنه رفض ذلك، وحاولت الحكومة العمالية أن تمنحه وسام الشرف الملكي، فقال “لقد منحته لنفسي منذ أمد بعيد”. كان يعتقد أن الجوائز والأوسمة يجب أن تمنح لمن قام بأفعال كبيرة، ولم تلق تقديراً من أحد، وهو -كما يرى نفسه- خلاف ذلك.

المؤلفات والإنجازات

ألّف برنارد شو العديد من الأعمال الأدبية، وبلغ عدد مسرحياته ما يقارب الستين، احتوت في معظمها على نقد اجتماعي، ومنها:

منازل الأرامل

مهنة فيلاندير والسيدة وارين

السلاح والرجل

كانديدا

رجل المصير

أنت لا تستطيع أن تقول أبدا

كما أصدر العديد من المسرحيات التي منحته الشهرة في مسيرته الأدبية، مثل:

الرائد باربرا

معضلة الطبيب

بجماليون

أندروكليس والأسد

سانت جوان

وقد نالت مسرحيته “بجماليون” أو “سيدتي الجميلة” شهرة كبيرة، وحصل بمقتضاها على جائزة نوبل في الآداب، وكذلك على جائزة الأوسكار 1939 لأفضل نص سينمائي، وقُدمت في عروض على مسرح برودواي عام ،1956 ثم على شاشة السينما عام 1964.

الوفاة

توفي برنارد شو في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1950، مخلفاً وراءه العديد من المسرحيات التي ما زالت تحمل أفكاراً مثيرة للجدل بين النقاد والأدباء.

 

 

المصدر: موقع الجزيرة نت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى