سير

شون ستيفنسون

في غرفة الولادة عام 1979م صرخ المولود شون ستيفنسون أثناء خروجه من رحم أمه، فاجتمع الأطباء للفحص عليه، ولكن حل الصمت المفاجئ؛ ماذا حدث؟ يبدو أن هناك مشكلة ما!
لقد تفاجأ الأطباء لحظة إخراج الطفل بجسدٍ نحيل وأذرعٍ وأرجلٍ تتخبط كالدمية المصنوعة من القماش، لقد تأثر جزء من رأسه وتهشمت كل عظمة في جسده الصغير، وبعد خروجه أخبر الأطباء والديه أن المولود مصاب بمرض تكون العظام الناقص أو ما يعرف بمرض (العظام الزجاجية)، وعليهم أن يستعدوا للأسوأ، فهناك احتمال أن يموت الطفل خلال (24) ساعة.
تم إدخال الطفل وحدة العناية المركزة في مستشفى شيكاغو للأطفال بعد تجاوزه مرحلة الخطر، ومُنع الجميع من ضمه أو لمسه لأن عظامه قابلة للكسر سريعًا. وفي اليوم التالي حضر الأطباء واقترحوا على الأم أن تأخذ حقنة لتجفيف الحليب، لأن المولود سيموت في أي لحظة، لكن الأم رفضت وتمسكت بالأمل، ولم ترضخ لهذا الطلب.
ومع الأيام والسنين استمر شون بالنمو رغم ضعفه وقصر يديه وقدميه، وبدأ بالزحف لكن لم يستطع المشي لأن عظامه الضعيفة لا تستطيع حمله؛ ومضت الأيام، وبدأ شون يلعب مع الأطفال بجسده الصغير فوق كرسيه المتحرك، لقد عاش وكافح رغم الصعاب التي مرت به، ورأى أن ما أصابه أبسط بكثير مما يصيب غيره من المرضى الذين لا يقدرون على الحركة بتاتًا!
في عيد عام 1988 كان شون مُتحمسًا للقاء الأطفال بملابسه التنكرية الجميلة التي اختارها مع والدته في الشهر الماضي، وبينما كانت والدته منشغلة عنه لتُكمل الترتيبات، حاول شون التدحرج على الأرض لكن رجله اليسرى علقت في زاوية الباب وانكسرت ويا لها من لحظات سوداء عاشها هذا الطفل في صباح العيد. لقد بكى كثيرًا خوفًا من فقدان فرحة العيد مع أصدقائه، لكن أمه أحضرت له الأطفال إلى البيت لتبدأ الحفلة من غرفته.
التحق شون بالمدرسة الابتدائية، ثم انتقل إلى المتوسطة عام 1991، وبدأ حياة جديدة تختلف عن حياة الابتدائية، لقد كان بين مجموعة من المراهقين، ودائمًا ما يتعرض للتحديق منهم والضحك بسبب مظهره المختلف، لكن شون لم يأبه بهم وأكمل طريقه الدراسي بتفوق حتى وصل إلى المرحلة الثانوية، لقد كانت هذه المرحلة مليئة بالأنشطة المختلفة والمشاركات الطلابية واستطاع شون أن يثبت أن قوته وتواجده حتى أصبح نائب رئيس اتحاد الطلاب، ولأنه يحب الإنتاج التلفزيوني فقد قام بكتابة وإنتاج وإعداد والتمثيل في مسلسل كوميدي يُصور داخل أسوار المدرسة، لقد كان شون هو المخرج لهذا المسلسل، واستطاع أن ينجح ويربح المسلسل جائزة من أحد الكليات للأعمال المصورة.
بعد تخرج شون من الثانوية تمكن من دخول الجامعة ودراسة العلوم السياسية، واستطاع أثناء دراسته العمل في ستة حملات انتخابية، وكان متحدثًا تحفيزيًا أُعجب به الكثيرون، حتى بدأت الطلبات تنهال عليه من الشركات والمدارس للحديث عن طريقة التغلب على الصعاب في البيت وفي العلاقات وأثناء العمل.
استمر شون في تقديم المحاضرات حتى تخرج من الجامعة عام 2001 بأعلى التقديرات ومتفوقًا على جميع الطلاب، وعندما تم إعلان اسمه انفجرت القاعة المكتظة بالتصفيق لمدة ثلاث دقائق، وكانت أصوات الجمهور مرتفعة جدًا لدرجة أنهم أوقفوا التكريم لدقائق. وكان والده يبكيان من الفرحة، ولم يكونا يتوقعا أن طفلهما الهش الصغير سوف يلتحق بالجامعة الواقعة بجانب المستشفى الذي توقع فيه الأطباء أنه سيموت بعد الولادة.
بعد التخرج أراد أن يصبح محدثًا تحفيزيًا، فالتحق بأحد الكليات وحصل منها بعد 3 سنوات على الماجستير في العلاج النفسي والبرمجة اللغوية العصبية، وقام بافتتاح عيادته الخاصة للعلاج النفسي، وأصبح لديه العديد من العملاء، مما جعله يوسع عيادته ويخرج إلى مساحة أكبر.
يُعد شون واحدًا من الخبراء الرائدين في القضاء على تدمير الذات، وهو معالج نفسي ومتحدث محترف معروف عالميًا. ويكمل الآن دراسة الدكتوراه في العلاج بالتنويم المغناطيسي في جامعة (أمريكان باسيفيك)، وهو مؤلف كتاب (تخلّص من ولكن). لقد كان لدى شون العديد من الأسباب والعقبات لتجعله يتعثر ويقف، لكنه صنع أحلامه كما يريد واستطاع أن يعيش النجاح ويصل إلى القمة رغم المرض والكرسي المتحرك.
كان لشون عدد من المحاولات العاطفية التي رغب من خلالها أن يؤسس أسرة، لكنه فشل أكثر من 3 مرات، وفي عام 2012 تمكن من تحقيق ما يطمح إليه، وحصل على فتاة بالمواصفات التي يريدها، وعقد قرانه في حفل زفاف بهيج حضره الأهل والأصدقاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى