عمرو بن الجموح: الصحابي الجليل الذي كتب التاريخ بتضحيته

عمرو بن الجموح، أحد الصحابة الكرام الذين تركوا بصمة خالدة في تاريخ الإسلام، كان مثالاً رائعًا للإيمان والصبر والتضحية. ولد عمرو في مدينة يثرب (المدينة المنورة) وكان من سادة بني سلمة ومن أشرافها. اشتهر بمكانته الكبيرة بين قومه، وكان معروفًا بجوده وسخائه قبل الإسلام.
إسلامه
كان عمرو بن الجموح في بداية الأمر شديد التمسك بعبادة الأصنام، حيث كان له صنم يدعى مناة يعظمه ويكرمه. ومع دخول الإسلام إلى المدينة وانتشار دعوته، بدأ أبناء عمرو وأصدقاؤه من المسلمين بمحاولة إقناعه بالتوحيد وترك عبادة الأصنام.
استغل أبناؤه، وخاصة معاذ بن عمرو، فترة نومه ليضعوا صنمه في أماكن مهينة. كان عمرو يعيد الصنم ويعتني به، إلى أن أدرك أن هذه الأصنام لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًا. فأسلم عمرو عن قناعة تامة وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وكان عمره حينها كبيرًا.
جهاده وتضحيته في سبيل الله
رغم كبر سنه ومعاناته من عرج في إحدى ساقيه، إلا أن عمرو بن الجموح كان متلهفًا للمشاركة في غزوة أحد. حاول أبناؤه منعه بسبب عذره الشرعي، ولكن عمرو أصر بشدة على المشاركة، قائلًا:
> “والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة.”
تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بحماسه وإيمانه، فأذن له بالخروج للقتال.
استشهاده في غزوة أحد
قاتل عمرو بن الجموح ببسالة في معركة أحد، وحقق أمنيته بالشهادة، حيث سقط مضرجًا بدمائه في سبيل الله. دُفن مع عبد الله بن عمرو بن حرام (والد زوجته هند) في قبر واحد، تنفيذًا لوصيته، حيث قال:
> “ادفنوني مع عبد الله؛ فقد كنا في الدنيا نحب بعضنا.”
دروسه وعبره
قصة عمرو بن الجموح تحمل العديد من الدروس:
1. الإصرار على الحق: إيمانه القوي رغم كبر سنه وعرجته.
2. التضحية في سبيل الله: قدم نفسه وماله في سبيل الله دون تردد.
3. القدوة الحسنة: كان نموذجًا يحتذى به في الإيمان الراسخ والإرادة الصلبة.
خاتمة
عمرو بن الجموح رمز للتضحية والفداء، أثبت أن الإيمان الصادق قادر على تحويل الإنسان إلى بطل يسطر التاريخ بإنجازاته. يظل هذا الصحابي الجليل مثالًا خالدًا على الإيمان العميق والعمل من أجل تحقيق مرضاة الله،
المصدر (صورة من حياة الصحابة – عبدالرحمن رافت الباشا)