عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك.. سيرة عدل وزهد وحكمة

مقدمة
يعد الخليفة عمر بن عبد العزيز واحدًا من أعظم الخلفاء في التاريخ الإسلامي، إذ اشتهر بالعدل والإصلاح والزهد في الدنيا، حتى لُقّب بالخليفة الراشدي الخامس. كان ابنه عبد الملك بن عمر امتدادًا لهذه المدرسة، حيث نشأ في بيئة التقوى والورع، وكان مستشارًا لوالده ومؤيدًا لسياسته في الإصلاح. سنستعرض في هذا المقال سيرة عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك، ودورهما في الحكم والإصلاح.
أولًا: عمر بن عبد العزيز – نشأته وتعليمه
وُلد عمر بن عبد العزيز عام 61هـ في المدينة المنورة، ونشأ في بيت علم وتقوى. كان جده لأمه عمر بن الخطاب، مما كان له أثر كبير في تربيته. حرص والداه على تعليمه أصول الدين والأخلاق، فأرسلوه إلى المدينة ليتتلمذ على يد كبار العلماء، مثل سعيد بن المسيب.
ثانيًا: توليه الحكم وإصلاحاته
تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة عام 99هـ بعد وفاة سليمان بن عبد الملك، وكان عمره حينها 37 عامًا. تميزت خلافته بالعدل والإصلاحات، حيث:
- ألغى الضرائب الظالمة وخفّف العبء عن الفقراء.
- أعاد الأراضي المغتصبة إلى أصحابها.
- أصلح نظام توزيع الأموال في بيت المال.
- منع الظلم في الولايات وعزل الولاة الفاسدين.
- نشر العدل بين المسلمين وغير المسلمين.
ثالثًا: عبد الملك بن عمر – الابن الناصح
كان عبد الملك بن عمر شابًا صالحًا وزاهدًا، وكان يشجع والده على العدل والإصلاح. عندما تولى عمر الخلافة، كان عبد الملك من أشد داعميه، وكان يقول له: “امضِ لما أمرك الله، فوالله لا أبالي لو غلت بي القدور في ذلك”، في إشارة إلى استعداده للتضحية في سبيل تحقيق العدل.
رابعًا: وفاتهما وتأثيرهما
توفي عبد الملك بن عمر شابًا في حياة والده، فحزن عليه عمر بن عبد العزيز حزنًا شديدًا. وبعد فترة قصيرة، تُوفي الخليفة عمر بن عبد العزيز عام 101هـ، مسمومًا على الأرجح من قِبل خصومه الذين لم يحتملوا إصلاحاته العادلة.
خاتمة
مثّلت سيرة عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك نموذجًا للحكم العادل والنزاهة السياسية. فقد أثّرا في التاريخ الإسلامي بمبادئهما الراسخة، وكانا مثالًا للحاكم العادل والمستشار الأمين. ما زالت سيرتهما تُلهم القادة والمصلحين حتى اليوم.