عمر م. ياغي: الكيميائي الأردني الذي أعاد تعريف علم المواد وحصد جائزة نوبل 2025

المقدمة: حلم يتجاوز الحدود
في صباحٍ صافٍ من فبراير، في عام 1965، وُلِد في قلب العاصمة الأردنية عمّان طفلٌ أطلق عليه اسماً لم يُعرف بعد مقدار ما سيحمله من عبقريّة وتحدٍ، اسمه عُمر محمود ياغي. لم يكن أحد يتصوَّر أن هذا الطفل، الذي ترعرع في منزلٍ متواضع ضمن ظروفٍ قاسية، سيصير يومًا واحدًا من أبرز علماء الكيمياء في العالم، بل وسيحصد جائزة نوبل في الكيمياء عام 2025.
هذه سيرة عمر ياغي ليست فقط سردًا لمسار علمي، بل هي قصة إنسان تجاوز القيد والجغرافيا، وجمع بين الشغف والابتكار، حتى شق طريقه إلى الصدارة العالمية. إنجازاته لم تقتصر على المختبر، بل امتدت إلى الكرة الأرضية، لتؤثر في مستقبل الطاقة والماء والبيئة. في هذا المقال، سأصحبك في رحلةٍ عبر حياة هذا العالم، من النشأة إلى المجد، مسلطًا الضوء على التحديات والدروس التي تركها للعالم.
النشأة والتكوين: طفولة في عمّان بين التحديات والفضول
الخلفية العائلية والبيئة الاجتماعية
وُلِد عُمر م. ياغي في 9 فبراير 1965 في مدينة عمّان، الأردن، في أسرة فلسطينية لاجئة كانت قد هُجِّرت من قطاع غزة عام 1948. كانت عائلته تضم عددًا كبيرًا من الأبناء، ويعيشون في غرفة واحدة في كثير من الأحيان، مع وصول محدود للماء والكهرباء.
عند سن مبكرة، كان الطفل عمر يلاحظ أن العائلة مضطرة لتخزين المياه لأن الماء لا يتوفر دائمًا بكميات كافية، وأن الكهرباء متقطعة، بل في بعض الفترات تكاد تنعدم. هذا الواقع الصعب شكَّل جزءًا من هويته، وغرَّس فيه احترامًا عميقًا للموارد التي قد يراها البعض بسيطة أو بديهية.
منذ الصغر، كان عمر يميل إلى تفكيك الأجهزة الصغيرة، الألعاب، حتى الأشياء التي تبدو بلا قيمة، ليرى ما بداخلها ويكتشف كيف تُصمَّم. يومًا في المدرسة، عندما دخل المكتبة خلال استراحة الغداء، لمح رسومات الجزيئات (المولات) — تصور ذرات مترابطة — فشُدَّ إليها بشدة، ووجد في ذلك الجمال العلمي لغزًا فَتَح له ذهنه بلا عودة.
هذه التجربة البسيطة كانت بمثابة الشرارة الأولى لولع عمر بالعلم. وكما ورد في سيرة الجامعة العالمية:
“في الصف الثالث، دخلت المكتبة ورأيت رسومات لجزيئات، فشعرت بأن هناك سرًّا جميلًا داخل الذرات ينتظر من يفهمه.”
على الرغم من الصعوبات المادية، فإن والد عمر دعم قراره في التوجه نحو التعليم، وكان يشجعه دائمًا على النظر إلى ما وراء الواقع المادي، نحو ما يمكن أن يُصنع منه المستقبل بعقولٍ طموحة.
التعليم والمسار الأكاديمي: من الأردن إلى الولايات المتحدة
الانتقال إلى أمريكا وبداية التكيف
في سن الخامسة عشرة (حوالي عام 1980)، انتقل عمر إلى الولايات المتحدة بدعمٍ من والده، بالرغم من جهله تقريبًا باللغة الإنجليزية آنذاك. بدأ دراسته في كلية المجتمع Hudson Valley Community College، حيث تعلّم اللغة وبدأ خطواته الأولى في مسيرة أكاديمية جديدة.
لاحقًا، انتقل إلى جامعة State University of New York at Albany (SUNY Albany) حيث أكمل درجة البكالوريوس في الكيمياء عام 1985. ثم التحق للدراسات العليا في جامعة إلينوي – Urbana-Champaign، ونال درجة الدكتوراه في الكيمياء عام 1990 بتوجيه من المشرف Walter G. Klemperer.
بين عامي 1990 و1992، حصل على منحة ما بعد الدكتوراه من الـ NSF (National Science Foundation) ليمضي فترة زمالة في جامعة هارفارد. هناك، تابع أبحاثًا متقدمة في الكيمياء النظرية والتصميم الجزيئي.
بهذا الانتقال من بيئة التحدي إلى عوالم البحث في الجامعات الأمريكية، بدأ عمر يبني الجسور نحو مجالات كيمياء جديدة، لن يكون التراجع فيها خيارًا.
الانطلاقة الأكاديمية والتحديات الأولى
السنوات الأولى في العالم الأكاديمي
في عام 1992، بدأ عمر ياغي مسيرته الأكاديمية كأستاذ مساعد في جامعة أريزونا State. ثم انتقل في عام 1999 إلى جامعة ميشيغان في آن أربور، حيث تولى كرسي Robert W. Parry في الكيمياء بين عامي 1999 و2006. بعد ذلك، في 2007، انتقل إلى جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس (UCLA)، حيث شغل كرسي Christopher S. Foote وكرسي Irving and Jean Stone في العلوم الفيزيائية حتى 2012.
في عام 2012، انتقل إلى جامعة كاليفورنيا، بركلي (UC Berkeley)، ليشغل كرسي James & Neeltje Tretter في الكيمياء ويصبح عضوًا في هيئة التدريس. كما تولى مناصب متعددة هناك، منها مدير مرفق Molecular Foundry التابع لمختبر لورانس بركلي الوطني، ومؤسس مركز Berkeley Global Science Institute، ومشارك في قيادة معهد الطاقة النانوية Kavli ومبادرات بحثية دولية.
وخلال هذه السنوات، كان يُعرف في الأوساط العلمية بأنه باحث مشغول بلا توقف، دائم السعي لتجاوز الحدود المعروفة في الكيمياء. لكنه لم يكن خالٍ من التحديات — التمويل، التنافس العلمي، ومقاومة بعض الأفكار الجديدة التي كانت تعتبر على هامش العلم المقبول في حينها.
التحديات الأكاديمية والثقة في المبادرة
عندما بدأ عمر ياغي يفكر في بناء مواد جديدة تُجمِّع الذرات والجزيئات، وليس مجرد استكشاف ما هو موجود، واجه مقاومة من زملاء يرى بعضهم أن هذا “خيال أكاديمي بعيد عن التطبيق”. كان عليه أن يقنع المجتمع العلمي بأهمية هذه الفكرة، ويُنتج تجارب قوية تثبت هذه الرؤية.
كان عليه أن يجد مصادر تمويل لمختبره، يجذب طلابًا متميزين، يدير وقتًا بين التدريس والبحث والنشر، وكل ذلك مع الالتزام بالقيم الأكاديمية العالية. لكن صاحب الحلم، كما يقول، كان يرى أن العلم الحقيقي لا يُخلق إلا بالتحدي والصبر.
الإنجازات الكبرى: الكيمياء الشبكية، الماء من الهواء، ونيل نوبل
هنا يبدأ الجزء الأكثر إشراقًا في سيرة عمر ياغي، حيث انطلقت أفكاره لتترك أثرًا عالميًا.
الكيمياء الشبكية (Reticular Chemistry) واكتشاف MOFs
في عام 1995، نشر عمر ياغي أولى أعماله على ما أصبح يُعرف بـ الأطر المعدنية العضوية (Metal–Organic Frameworks, MOFs)، وهي شبكة ذرات معدنية مرتبطة بجزيئات عضوية، تخلق فراغات داخلية ضخمة تُتيح الامتزاز والتخزين بفعالية عالية.
هذه المواد تتميّز بقدرتها على:
- امتصاص الغازات (مثل الهيدروجين، ثاني أكسيد الكربون) بكفاءة عالية
- تخزين الغازات في حجم صغير
- تأثير كبير في تقنيات الطاقة النظيفة والتنقية والبيئة
ياغي وصف هذه الشبكات بأنها تشبه بناء شيء باستخدام “قِطَع ليغو جزيئية” (molecular LEGO) — حيث تختار القواعد المناسبة وتربطها لتشكيل بنى دقيقة بمواصفات تُحدَّد مسبقًا.
بفضل هذا المفهوم، أصبح يُنظر إلى الكيمياء الشبكية كفرعٍ مستقل في الكيمياء الحديثة، وجعل ياغي أحد مؤسسي هذا المجال.
استدامة الماء من الهواء: مشروع يليق بالكوكب
ربما واحدة من أكثر إنجازات عمر ياغي شهرة إنسانيًا هي مشروع استخلاص الماء من الهواء بواسطة مواد MOFs. فبينما يعاني الملايين من ندرة الماء، طوّر ياغي وفريقه نسخًا من الـ MOFs التي قادرة على التقاط بخار الماء من الهواء، حتى في المناطق الجافة، وتحويله إلى ماء صالح للشرب، باستخدام طاقة بسيطة مثل حرارة الشمس أو تغير درجات الحرارة الليلية.
في أحد المشاريع التجريبية، استخدم فريقه مادة تسمى MOF-303 في وادي الموت (Death Valley, USA)، وتمكّن من إنتاج قطرات ماء – إنجاز مذهل في أكثر البيئات حرارة وجفافًا على سطح الأرض.
من خلال شركة Atoco التي أسّسها في 2020، سعى إلى تحويل هذه التكنولوجيا من مختبرات البحث إلى منتجات فعلية يمكن استخدامها في البيئات القاحلة حول العالم.
في مقابلة، قال ياغي:
“أرى أن الماء من الهواء ليس رفاهية، بل حق إنساني. إن بإمكان الإنسان أن يملك مصدره من الماء في أي مكان، دون أن يكون تابعًا لشبكة توزيع مركزية.”
هذا المشروع وحده يفتح آفاقًا هائلة لمواجهة أزمة المياه في الصحاري والمناطق النائية، ويحوّل مفاهيم الإمداد بماء الشرب.
التطوير إلى COFs وتوسيع المفهوم
لم يكتفِ ياغي بأطر MOFs فقط، بل طوَّر لاحقًا ما يُعرف بـ الأطر العضوية التساهمية (Covalent Organic Frameworks, COFs)، وهي مواد خفيفة لكنها ذات قوة عالية وقابلة للتعديل الجزيئي، بحيث يمكن تصميمها وفق احتياجات دقيقة.
بهذا، وسّع المفهوم ليشمل ليس فقط الإطارات المعدنية ولكن أيضًا الإطارات العضوية التي يمكن أن تنافس في تطبيقات مثل الحفازات (catalysis)، وتوصيل الإلكترونيات البينية، والتنقية والتنظيم الجزيئي.
بهذا العمل، يُعدُّ عمر ياغي اليوم أحد أقطاب الكيمياء الحديثة التي تعنى بتصميم المواد على المستوى الذري والجزيئي، وهو ما يُلبِّي تطلعات العصر في الطاقة والماء والبيئة.
جدول زمني بسيط لمسار إنجازاته
| العام / الفترة | الإنجاز البارز |
|---|---|
| 1965 | مولد عمر ياغي في عمّان، الأردن |
| ~1980 | الانتقال إلى الولايات المتحدة للدراسة |
| 1985 | إتمام البكالوريوس في جامعة ألباني (SUNY Albany) |
| 1990 | نيل الدكتوراه من جامعة إلينوي – Urbana |
| 1990–1992 | زمالة ما بعد الدكتوراه في جامعة هارفارد |
| 1992 | بداية التدريس كمساعد في جامعة أريزونا |
| 1999–2006 | كرسي Parry في جامعة ميشيغان |
| 2007–2012 | تقلد كراسي مرموقة في جامعة UCLA |
| 2012 | الانتقال إلى جامعة كاليفورنيا بركلي، تولي كرسي Tretter |
| 2018 | جائزة ولف في الكيمياء (مع Makoto Fujita) |
| 2015 | جائزة الملك فيصل للعلوم |
| 2024 | جائزة إييرنست سولفاي (Ernest Solvay Prize) |
| 2025 (أبريل) | فوز بجائزة IUPAC-Soong للكيمياء المستدامة |
| 2025 (يونيو) | تعيينه “University Professor” في جامعة كاليفورنيا بركلي |
| 2025 (أكتوبر) | حصوله على جائزة نوبل في الكيمياء بمشاركة مع Kitagawa وRobson |
ملاحظة: الجدول يعرض معالم محورية، وهناك العديد من المشاريع البحثية الأصغر التي ساهمت في بناء هذا الإرث العلمي.
جائزة نوبل في الكيمياء 2025: تتويج المسار
في 8 أكتوبر 2025، أعلن الأكاديمية الملكية السويدية أن جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025 مُنحت بالمشاركة إلى ثلاثة علماء، من بينهم عُمر م. ياغي، تقديرًا لجهودهم في تطوير الأطر المعدنية العضوية (MOFs) وتطبيقاتها الثورية في مجالات الطاقة والماء والبيئة.
الأكاديمية أشادت بأن هذه المواد تُعدّ “مواد القرن الحادي والعشرين” بسبب قدرتها على تشغيل عمليات مثل التقاط ثاني أكسيد الكربون، وتنقية المياه، واستخلاص الماء من الهواء، وتخزين الغازات بفعالية كبيرة.
وكان هذا التكريم بمثابة تتويج لسنوات من العمل المضني، لكنه أيضًا اعتراف بأن الأفكار التي بدت يومًا بعيدة يمكن أن تغيّر الواقع المادي للبشرية. في بيان له، قال ياغي:
“لم أبتغِ جائزة، بل سعيت لتغيير الواقع، لتمكين الإنسان من استخدام ما حوله — الهواء — ليُنتج منه الماء والطاقة.”
بهذا الفوز، دخل اسمه قائمة العلماء الذين تركوا بصمة لا تُمحى في التاريخ، وارتفع من عالمٍ مُطارد بالطموح إلى عالم يُحتفى به على الذرائع الدولية.
التكريمات والجوائز الأخرى
إلى جانب نوبل 2025، حصد عمر ياغي العديد من الجوائز والتكريمات العالمية التي تُثبت المكانة التي وصل إليها عالميًا:
- جائزة ولف في الكيمياء (Wolf Prize in Chemistry) عام 2018، تقديرًا لإسهاماته في تطوير مجال الأطر المعدنية.
- جائزة الملك فيصل للعلوم عام 2015، وهي من أبرز الجوائز العلمية في العالم الإسلامي.
- جائزة إييرنست سولفاي (Ernest Solvay Prize) عام 2024، لمنح أبرز العلماء الذين يسهمون في معالجة التحديات البيئية والابتكارات المستدامة.
- جائزة IUPAC-Soong للكيمياء المستدامة عام 2025، وهي الجائزة الأولى من نوعها التي تمنحها الجمعية الدولية للكيمياء، تقديرًا لإنجازاته في تصميم مواد مستدامة.
- عضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة (NAS).
- عضوية الأكاديمية الألمانية للعلوم Leopoldina.
- منصب رئيس المجلس الثقافي العالمي (World Cultural Council) اعتبارًا من يناير 2025.
هذه الجوائز ليست مجرد ألقاب، بل هي شواهد على أن الأفكار التي بدأها في مختبره الصغير تحولت إلى إنجازات تُعترف بها على مستوى العالم.
التحديات والمواقف الإنسانية: الإنسان خلف العالم
ما يميز سيرة العلماء الكبار ليس فقط إنجازاتهم، بل المواقف التي تجسّد إنسانيتهم. في حياة عمر ياغي، هناك كثير من تلك اللحظات التي تعكس قيمه وأخلاقه.
مقاومة الصعاب والصبر
منذ بدايته، واجه ياغي تحديات مادية وأكاديمية. ترك بلده وصعد إلى بلد جديد وهو لا يعرف اللغة، وجاء إلى بيئة تنافسية عالية. لكن بدلاً من أن تكسِره الصعاب، استغلتها وقودًا لتمرُّده على الحدود المفروضة.
كان يُلحّ على طلابه وزملائه أن العمل العلمي ليس سباقًا إلى النشر فحسب، بل هو خلق قيمة ملموسة للمجتمع. لا يتردد في تخصيص وقت لتوجيه الطلاب المبتدئين، وتحفيزهم على التفكير الحر والاستقلالية البحثية.
فتح العلم بلا حواجز
من المواقف الإنسانية التي اشتهر بها أن ياغي دعا لأن تكون بعض أبحاثه مفتوحة المصدر Accessible إلى العلماء في العالم النامي، لأن العلم، في نظره، لا يجب أن يُحتكر في جامعات النخبة فقط.
كما أُعلنت نية إنشاء مختبرات وبنى تحتية بحثية في الأردن لدعم الباحثين المحليين، والعمل على نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى الشرق الأوسط.
عندما حصد نوبل، بدا كالمتأثر حقًا، وتحدث بتواضع عن الفضل إلى فريقه وزملائه، مؤكدًا أن العلم جماعي، وأنه لا يُبنى وحده في عزل.
الإرث والتأثير المستمر في العالم
إنجازات عمر ياغي ليست فصولًا من الماضي، بل أدوات يُواصل العالم استخدامها وتطويرها:
- تُستخدم اليوم مواد MOFs في تجارب متنوعة: تنقية الهواء، والتقاط الكربون، وتخزين الهيدروجين، وتحلية المياه، والفصل الجزيئي، بل وحتى في التطبيقات الصيدلانية.
- شركات ناشئة مثل Atoco و H2MOF تهدف إلى تطبيق هذه المواد في منتجات فعلية للتعامل مع مشاكل الطاقة والماء في العالم الحقيقي.
- في الأوساط الأكاديمية، أصبح الكثير من الباحثين في الكيمياء والفيزياء والهندسة يُدرِّسون الكيمياء الشبكية كجزء أساسي من مناهجهم البحثية.
- اعتماده كرئيس للمجلس الثقافي العالمي يضيف بعدًا ثقافيًا لرسالته، حيث يجمع بين العلوم والثقافة في رؤية شاملة للتقدم الإنساني.
- تعيينه “University Professor” في جامعة كاليفورنيا بركلي عام 2025 هو اعتراف بأن مساهماته تتجاوز القسم أو الكلية، وأنه يُمثّل شخصية ذات قيمة استراتيجية على مستوى الجامعة بأكملها.
من منظور الأجيال القادمة، تبقى حياة عمر ياغي مثالًا حيًا على أن العالم العربي يمكن أن يكون جزءًا فاعلًا في صناعة المعرفة العالمية، وأن الأحلام لا تُحدّ بمكان الولادة، بل بالإرادة والعمل.
الجانب الشخصي والفلسفي: بين الإنسان والعالم
وراء القاموس العلمي الكبير، هناك إنسانٌ وله جوانب شخصية وفكرية:
- يُعرف عن ياغي تواضعه الشديد، بالرغم من الإنجازات العظيمة.
- يرى أن العلم رسالة أخلاقية — أن نبحث ليس من أجل الشهرة، بل لصالح الإنسانية.
- يؤمن بأن الطبيعة هي المعلم الأكبر، وأن الذرة ليست مجرد قطعة بلا حياة، بل عالمٌ يُمكن التفاعل معه.
- كثيرًا ما يُكرّس جزءًا من وقته لتوجيه طلابه، ويدعو إلى تنمية البحوث في البلدان النامية.
- في مقابلاته، لم يغرِّد كثيرًا عن المشاريع الكبرى، بل يركّز على أن التغيير الحقيقي يبدأ من فكرة صغيرة تُترجَم إلى واقع.
الخاتمة: دروس من قصة نجاح عمر ياغي
إن سيرة عمر م. ياغي تمثل أكثر من سجل علمي، إنها ملحمة إنسانية تجمع بين التحدي والإبداع، بين الحلم والعمل، بين الجغرافيا والطموح. من طفل في عمّان بفقرٍ وصعوبات، إلى عالم حاز جائزة نوبل في الكيمياء 2025، تجاوز الحدود المادية والعلمية ليضع بصمته على مستقبل الطاقة والماء والبيئة.
من قصته نتعلم:
- الشغف قِيادَة: ما يبدأ كفضول قد يتحول إلى مسيرة حياتك.
- المثابرة رغم الشدائد: ليس المهم أن تبدأ، بل أن تستمر حتى النهاية.
- الابتكار ليس ترفًا: بل ضرورة في عالم يعاني من تحديات كالماء والطاقة.
- العلم رسالة إنسانية: لا تُقاس قيمة البحث فقط بعدد الأوراق، بل بتأثيره الفعلي في حياة البشر.
- التواضع مهمّ: فقوة العالم تُقاس بقدرته على العطاء والتعاون، لا بالغرور.
إن حياة عمر ياغي و إنجازات عمر ياغي تُعتبَر مصدر إلهام لكل باحث، شاب، أو مهتم بأن يجعل المعرفة أداة تغيير حقيقية. لقد أثبت أن الإنسانية لا تُقاس بالمكان، بل بالعقل والإرادة.



