قصة الوجه الآخر لدافنشي صاحب لوحة الموناليزا
لم يكن ليوناردو دافنشي أحد أبرز فناني عصر النهضة الإيطالية فحسب، بل كان رسّام لوحة الموناليزا الشهيرة مولعاً بفنون الهندسة المعمارية وعلوم البيولوجيا التشريح وعلم النبات، وحتى الأدب أيضاً.
وفي حين أن شهرة الفنان الإيطالي تُنسب لرسوماته، إلا أن شغف دافنشي الحقيقي لم يكن في الرسم فقط، بل في مجالات علوم الميكانيكا، وخاصة الطيران.
كانت لدى دافنشي العديد من الأفكار السابقة لعصرها، والتي تطلّبت لبنائها تكنولوجيا لم تكن موجودة في زمانه، ولكن العديد من تصميماته والنماذج التي صممها كانت أساس اختراعات أحدثت ثورة في تاريخ التكنولوجيا.
مصمم أول مدرعة حربية وروبوت آلي وبدلة غوص في التاريخ:
تعرفوا معنا في هذا التقرير على ستة من أبرز اختراعات ليوناردو دافنشي، الفنان الإيطالي والمخترع.
_ المرياح، لقياس شدة الرياح، المستخدم في المطارات
يعتقد المؤرخون أنّ ليوناردو دافنشي كان مولعاً بالطيران والتحليق، وذلك ما ألهمه لتطوير المرياح، أو مقياس الرياح الذي يقيس سرعة الريح، والذي يُستخدم في أيامنا هذه في المطارات.
وبالرغم من أن دافنشي لم يخترع الجهاز فعلياً، الذي سبقه لاختراعه ليون باتيستا عام 1950، فإنه طوَّر الاختراع، وجعله أكثر بساطة ودقة في تحديد سرعة الريح
_ صمَّم أول دبابة في التاريخ، لكن ترك خللاً فيها كي لا تُستخدم في قتل البشر
بالرغم من أن أول استخدام للدبابات كان في الحرب العالمية الأولى، فإن أول تصميم وبناء لنموذج حقيقي عنها سبق ذلك بـ 400 سنة تقريباً.
في عام 1487 قام دافنشي بتصميم أول مدرعة عرفت باسم دبابة ليوناردو أو مركبة ليوناردو القتالية، التي تعتبر سلف الدبابة.
كانت الدبابة تحتوي على عدد كبير من الأسلحة والمدافع الخفيفة، مرتبة على منصة دائرية الشكل، لها عجلات قادرة على الدوران 360 درجة.
وللحماية من الهجمات النارية، كانت المدرعة مغطاة بصفائح معدنية مائلة لترد نيران العدو، بالإضافة إلى برج مراقبة في أعلاها لتوجيه العربة وتوجيه الرمي والقذائف.
كما كانت المقاتلة تحتاج ثمانية رجال في داخلها لتحريك عدد من الأذرع بشكل مستمر لدفع العجلات.
لكن بالرغم من تصميمها المتقن فإن دبابة دافنشي كان بها عيب كبير، فقد تحركت أذرع التشغيل في اتجاهين متعاكسين، ما جعل الحركة إلى الأمام مستحيلة.
يعتقد المؤرخون أن مثل هذا الخلل الهندسي الأساسي لم يكن ليفلت من حسابات ليوناردو دافنشي، وأنه ربما يكون قد قام بالخلل عن قصد، لحماية تصميمه من السرقة، وكي يكون الوحيد الذي يستطيع تشغيلها،
وهناك تفسير آخر، وهو أن دافنشي في الحقيقة لم يرغب في أن تُستخدم مدرعته في الحروب لقتل البشر، فاكتفى بتصميمها لإرضاء فضوله وحبه للاختراع.
_ أول مَن وضع تصميم مروحة الهليكوبتر “الطائرة السمتية”
بالرغم من أن أول طائرة هليكوبتر صُنعت في عام 1940، فإنها على الأرجح لم تكن لتتم لولا تصميمات ليوناردو دافنشي، التي وضعت أساس فكرة التحليق المروحي.
تشير المخططات والملاحظات التي تركها العالم والفنان الإيطالي، والتي تعود للقرن الخامس عشر، إلى مدى دقة تصوره لفكرة المروحة الرأسية “السمتية”، التي تستطيع رفع الجسم المعدني الثقيل للطائرة عن الأرض، وتمكنه من التحليق عند دورانها.
وبالرغم من أن تصميمه لم يكن من الممكن أن يُنفذ في عصره، لأنه كان يعتمد على مواد ومعادن ثقيلة، فإنه كان حجر الأساس لاختراع المروحيات.
_ أول تصميم لمظلة الهبوط “الباراشوت”
في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي قام دافنشي برسم أول مخططات تصور مظلات الهبوط، وكتب بجانبها الملاحظة التالية:
“إذا امتلك الإنسان خيمة مصنوعة من الكتان، على أن تغلق كل منافذ الخيمة، وعلى أن يكون عرضها (23 قدماً تقريباً)، وعمقها (12 قدماً تقريباً)، فسيكون بإمكانه أن يُلقي بنفسه من أي ارتفاع شاهق دون أن يصاب بأذى”.
إصرار دافنشي على أن تكون المظلة من الكتان أثار تساؤلات عن وزنها المحتمل، خاصة أنه تخيل أن لها هيكلاً خشبياً.
ولكن، في عام 2000، قام أدريان نيكولاس، أخصائي القفز المظلي ببناء نموذج أولي يعتمد على تصميم دافنشي، واختبره، ووجد أن تصميم دافنشي كان أكثر سلاسة من المظلة الحديثة.
_ صمم أول بدلة للغوص لأهداف عسكرية
أثناء عمله في البندقية، “المدينة المائية”، في عام 1500، صمَّم دافنشي معدات الغوص للقيام بهجمات التسلل على سفن العدو من تحت الماء وتخريبها، في حال كانت هناك حاجة لذلك.
تم تجهيز البدلة باستخدام جلد الخنزير المغطى بزيت السمك لصد الماء، وزودت بالخوذة، بالإضافة إلى نظارات من الزجاج، وأنبوب تنفس مصنوع من نوع من الخيزران، وعوامة من الخشب والفلين.
بالإضافة إلى القدرة على تنفس الهواء من السطح، فقد صُممت البدلة لتخزّن الهواء في جيب داخلها أيضاً.
وقد أعيد إنتاج هذه البدلة في برنامج وثائقي على قناة bbc، وتبيّن أنها فعالة
_أول رجل آلي عُرف باسم “روبوت ليوناردو”
كان ولع دافينشي بدراسة علم التشريح البشري السبب على الأرجح في وضعه أول تصميم لرجل آلي يشبه الإنسان في التاريخ. ويعتقد أنه تم صنع الروبوت في عام 1495، وقُدم في احتفال استضافة دوق ميلان. لكن لم يتم اكتشافه إلا من خلال المخططات في خمسينيات القرن الماضي.
كان الرجل الآلي الذي صممه دافنشي عبارة عن مقاتل يرتدي درعاً ألمانياً إيطالياً من العصور الوسطى، وباستطاعته أن يقف ويجلس، ويحرك رأسه، ويرفع ذراعيه، حتى باستخدام توصيلات وبكرات معقدة.
باستخدام العديد من رسومات دافنشي المختلفة كمخططات، بنى عالم الروبوتات مارك روشيم نموذجاً أولياً للفارس الآلي في عام 2002، وبالفعل كان الروبوت قادراً على المشي والتلويح.
وقد لاحظ روشيم كيف صمم دافنشي الفارس الآلي ليتم بناؤه بسهولة. كما استعان روشيم أيضاً بتصميمات دافنشي كمصدر إلهام له لبناء الروبوتات التي طوّرها لناسا.
المصدر: موقع عربي بوست