قصص

قصة عَليُّ بن منقذ والملك

هربَ “عَليُّ بن منقذ” صاحبُ قلعةِ شيزر، والذي كانَ لقبُهُ “سَديدُ الملك” مِنَ المدينةِ خشيةَ أن يبطشَ بهِ حاكمُها “محمودُ بنُ مِرداس” وذلكَ لخلافٍ وقعَ بينهما، فأوعزَ الحاكمُ إلى كاتبهِ أن يكتبَ إلى “ابنِ منقذٍ” رسالةً يُطمئنهُ فيها، ويَستدعيهِ للرجوعِ إلى مدينةِ حلبَ! ولكنَّ الكاتبَ – وكان صديقاً لابنِ مُنقذ – شعرَ بأنَّ حاكمَ حلبَ ينوي الشرَّ بصديقهِ عليِّ بنِ مُنقذٍ، فكتبَ لهُ رسالةً وختمها بعبارةِ: (إنَّ شاء الله تعالى) فجعلَ النُّونَ مُشدَّدَةً، والمفروضُ أن تكونَ ساكنةً! هنا أدركَ “ابنُ منقذٍ” أنَّ صديقهُ الكاتبُ يحذِّرهُ حينما شدَّدَ حرف النُّون، وكأنَّما يُذكِّرُهُ بقولهِ تعالى: ” إنَّ الملأ يأتمرونَ بكَ لِيقتُلوكَ ” (سورة القصص:20)، فردَّ “ابنُ منقذٍ” على رسالةِ الحاكم برسالةٍ يشكرهُ فيها على ثقتهِ الشَّديدةِ بهِ، ولكنَّهُ ختمها بعبارةِ: “إنّا الخادمُ المُقِرُّ بالإِنعام” وكَسَرَ الهمزةَ وشَدّدَ النُّونَ بدلَ أن يكتبَ “أنا”! فَفَطِنَ صديقهُ الكاتبُ أنَّ تحذيرهُ لهُ قد وصلَ بالفعلِ، وأنّهُ قصدَ بجوابهِ لهُ مُحاكاةَ قولهِ تعالى: “إنّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها” (سورة المائدة:24)، وعلم أنَّ صديقهُ “ابنَ المنقذ” لن يعودَ إلى مدينةِ حلبَ في ظلّ وجودِ حاكِمها محمودِ بنِ مِرداسَ. ومِن هنا صارَ استعمالنا: (الحِكايةُ فيها إنَّ) دلالةً على الشكِّ وسوءِ النّيّة.

نعم إن سوءُ النيّةِ أحياناً يكونُ مِن حُسنِ الفِطَن، خاصّةً حينَ تتوفَّرُ لديكَ عدّةُ مُعطياتٍ ودلالاتٍ تُشيرُ بمجموعها إلى أنّ (الحكايةَ فيها إنَّ) وربما أحياناً إنّ وأنّ وأخواتها مجتمعاتٍ!! ولكن يبقى علينا في البداياتِ أن نُحسنَ الظنَّ بمن هم حولنا، بل ونلتمسُ لهم الأعذارَ، فإن ثبتَ لنا بدليلٍ خلافَ ذلكَ! فهنا وجبَ علينا الأخذُ بقاعدةِ (الحكايةُ فيها إنَّ) وعلينا التحقُّقُ واستخدامُ الفطنةِ والفِراسةِ في ذلك.

 

 

[المصدر: موقع قصص قصيرة ولها عبرة كبيرة]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى