سير

مجاهد بن جبر

هو تابعي مفسر من أهل مكة وأخذ التفسير عن ابن عباس، وتنقل في الأسفار، واستقر بالكوفة، وكان شيخ القراء والمفسرين، وقيل مات وهو ساجد، وهو مجاهد بن جبر ويُقال ابن جُبَير المكي، وكنيته أبو الحجاج مولى عبد الله بن السائب، ولد سنة إحدى وعشرين هجرية في خلافة عمر -رضي الله عنه-، وكان فقيهاً عابداً ورعاً، وتوفي وهو ساجد سنة ثلاث ومئة هجرية، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.

علمه بالتفسير

كان مجاهد عالماً بالتفسير، قال: “عرضتُ القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة”، وقال: “عرضتُ القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس، أقفه عند كل آية، أسأله فيم نزلت وكيف كانت”. استفاضت النقول عن السلف في كون مجاهد من أعلم التابعين بتفسير كتاب الله ومما روي عنه في ذلك:

_ قال سفيان الثوري: “خذ التفسير عن أربعة وذكر منهم مجاهد”.

_ قال خصيف: “كان مجاهد أعلمهم بالتفسير”.

_ قال قتادة: “أعلم من بقي بالتفسير مجاهد”.

تفسير مجاهد بن جبر

كان مجاهد -رحمه الله- أوثق أصحاب ابن عباس وأقلهم عنه رواية، واعتمد على تفسيره كبار الأئمة كالشافعي والبخاري وغيرهما، فنقل عنه البخاري في كتاب التفسير من الجامع الصحيح، ونقلُ البخاري عنه يُعد أكبر شهادة منه على ثقة مجاهد وعدالته واعتراف منه بمبلغ فهمه لكتاب الله -تعالى.

رتب مجاهد بن جبر تفسيره على ترتيب السور والآيات في المصحف الشريف، ولم يفسر كل سور القرآن؛ إذ إنه لم يتعرض لتفسير سورة الفاتحة وسورة الكافرون نهائياً، وتفسيره عبارة عن إيضاح لغوي لمعاني بعض الآيات بألفاظ مختصرة، ومشيراً إلى بعض الاستنباطات الفقهية التي اعتمدها علماء الفقه فيما بعد في مذاهبهم الفقهية، وانفرد بآراء فقهية.

قال فؤاد سزكين: “وفي تفسيره نجد كثيراً من التفسيرات المجازية والمشبهة، وكان بعض تفسيره يقرأ بتحفظ، ذلك لأنه كان كثيراً ما يستشير علماء النصارى وأحبار اليهود وأما في حقل الفقه فقد جعل “للرأي” منزلة مهمة”.

صفات مجاهد بن جبر

كان مجاهد بن جبر أبيض الرأس واللحية، وكان هو وعطاء لا يتختمون، وكان إذا رأيته حسبته حمالاً أضل حماره كأنه مهموم، وكان يكره الخضاب بالسواد، وكان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، ومن ذلك ذهابه إلى بئر برهوت بحضر موت من أرض اليمن، وذهابه إلى بابل.

ولما دخل مجاهد بابل ذكر قصة وهي: “أنه وجد عليها والياً فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: تَعْرِضُ عَلِيَّ هَارُوْتَ وَمَارُوْتَ؟ قَالَ: فَدَعَا رَجُلاً مِنَ السَّحَرَةِ، فَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ، فَقَالَ اليَهُوْدِيُّ: بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَدْعُوَ اللهَ عِنْدَهُمَا، قَالَ: فَذَهَبَ بِي إِلَى قَلْعَةٍ، فَقَطَعَ مِنْهَا حَجَراً”.

“ثُمَّ قَالَ: خُذْ بِرِجْلِي، فَهَوَى بِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَوْبَةٍ، فَإِذَا هُمَا مُعَلَّقَانِ مُنَكَّسَانِ كَالجَبَلَيْنِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ خَالِقِكُمَا، فَاضْطَرَبَا، فَكَأَنَّ الجِبَالَ تَدَكْدَكَتْ، فَغُشِيَ عليَّ وَعَلَى اليَهُوْدِيِّ، ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلِي، فَقَالَ: أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ، وَأَهْلَكْتَنِي”، وهذه القصة في إسنادها ضعف.

منزلته

يكفي لمنزلته ما ذكره ابن كثير في كتابه البداية والنهاية حيث قال عنه: “أحد أئمة التابعين والمفسرين، كان من أخصاء أصحاب ابن عباس، وكان أعلم أهل زمانه بالتفسير حتى قيل إنه لم يكن أحد يريد بالعلم وجه الله إلا مجاهد وطاووس، وقال مجاهد أخذ ابن عمر بركابي وقال وددت أن ابني سالما وغلامي نافعا يحفظان حفظك”.

 

 

 

[المصدر: موقع موضوع]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى