تعد رواية “رجال في الشمس” من أهم روايات غسان كنفاني، فهي تمثل أدب المقاومة عنده، وتجسد المعاناة التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون، الذين هُجِّروا من وطنهم قسرًا وظلمًا بسبب احتلال وطنهم وأرضهم من قِبَل الصهاينة، وتمثل هذه الرواية الأسلوب الواقعي المبسط، ولكن هذا لا يعني أن الرواية كتبت بأسلوب تسجيلي تقريري، وإنما استخدم فيها كنفاني الأسلوب الرمزي، فالرواية حمّالة أوجه، وهي قابلة للتأويل، وهذا ما يجعل الرواية منفتحة على فضاءات أوسع ودلالات أرحب.
تناولت الرواية المعاناة التي عاشها الشعب الفلسطيني في كثير من الجهات منها: محاولة عبور الحدود هربًا لدول الخليج من أجل الحصول على المال؛ لإعالة أسرهم الفقيرة، وجسد غسان كنفاني ذلك من خلال أربع شخصيات وهم رجال من أجيال مختلفة جمعتهم الظروف القاسية من أجل الهرب إلى الكويت للعمل فيها.
فـ “أبو قيس” و “مروان”، و”أسعد” هم الشخصيات التي تدور حولها أحداث الرواية، وهم مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين الذين تجمعهم أحلام بسيطة، يحاولون تحقيقها من خلال السفر إلى الكويت للعمل فيها، والحصول على المال الذي يمكنهم من تحقيق أبسط أحلامهم في الحياة، ويضاف إلى هذه الشخصيات شخصية أخرى وهي: “أبو الخيزران” سائق سيارة صهريج الماء الذي حاول نقلهم فيه؛ ليعبروا الحدود وهذه بالنسبة له تعد فرصة جيدة أمامه لكسب بعض المال، حتى لو كان على حساب معاناة الناس، وهذا يبين مدى صعوبة الظروف الاجتماعية التي تجعل الناس متناقضة، وتعاني من الازدواجية، وتظهر الرواية صورة من الجشع الإنساني واستغلال الظروف، من خلال تصوير رحلة لمجموعة من الرجال في حر الصحراء، مختبئين في خزان تلتهب جدرانه بحرارة الشمس المفرطة، وتحملهم لتلك الحرارة من أجل النجاة. وقد أنهى الأديب رواية “رجال في الشمس” بنهاية مؤلمة، تنتهي بموت الرجال داخل الخزان، وتحولهم إلى جثث هامدة، وكأنّ الخزان قد تحول إلى مقبرة جماعية لهم، ولكن السؤال الذي بقي معلقًا في رأس سائق السيارة “لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقولوا؟ لماذا؟”
المصدر: موقع سطور كوم
