كتب

كتاب طوق الحمامة

ألّف ابن حزم كتاب طوق الحمامة أثناء مكوثه في مدينة شاطبة، وذلك عام 417هـ، وكان قد نَهَج في تأليفه للكتاب مناهج التجربة الشخصيّة، والمُلاحظة، والتحليل؛ ليصل إلى نتائجه، وذلك في أحاديثه العاطفيّة المذكورة في كتابه الطوق، والجدير بالذكر أنّ ابن حزم تطرّق في كتابه إلى الحديث عن الأمور التي تقود الإنسان، وتُسيِّرُه نحو كلّ شكل من أشكال الجمال في عواطفه النفسيّة، وذلك من خلال ردّ الظواهر إلى مصادرها النفسية، كما يُعَدّ الكتاب نتاجاً لمشاعر ابن حزم القويّة؛ فقد تمكّن من التدوين عن الحُبّ بأصنافه، وألوانه، فيقول في أحد علاماته: “ومن علامته لكلّ ذي بصر الانبساط الكثير الزائد، والتضايق في المكان الواسع، والمجاذبة على الشيء يأخذه أحدهما”، والمُتأمّلُ في أوصافه لصُنوف الحُبّ يعلم أنّها لا تُسجّل إلّا بقلم صاحب إحساس قويّ.

دواعي تأليف كتاب طوق الحمامة 

كان الدافع الأوّلي لتأليف ابن حزم كتابه طوق الحمامة تحقيق رغبة صديقه الذي طلب منه أن يكتب له رسالة تُعنى في الحُبّ، وأسبابه؛ حيث أرادها رسالة تصف حقيقة الحب دون زيادة أو نقصان، إلّا أنّ هذه الرغبة ما لبثت أن تحوّلت من اقتراح صديق إلى مَطلب حقيقيّ يتوافق مع إحساس ابن حزم بالراحة عند استرجاع الماضي، والعودة إليه، بالإضافة إلى شعوره بأنّه يقدّم في كتابه هذا رصداً لواقع الحياة الأندلسية آنذاك، وطبيعة العلاقات العاطفيّة، والاجتماعيّة فيها، كما كان لتفكير ابن حزم الدائم في المحافظة على الأهل، والولد، وصيانتهم بتحقيق الرزق من خلال ما يكتب دورٌ مهمٌّ في تأليف هذا الكتاب، أمّا ما ميّزه في دراسته هذه بالإضافة إلى عُمقها، فالاعتراف، والصراحة.

شرح عنوان كتاب طوق الحمامة

يحتوي عنوان الكتاب على دلالات تجمع بين ما هو ثابت، ومُتغيّر؛ فالألفاظ فيه تتجاوز معناها السطحيّ إلى ما تحمله من سياقات دلالية عميقة؛ فكلمة (الطوق) في تركيبها، ومعناها السطحيّ تشير إلى أنّه حبّات مُكرَّرة، لها الشكل نفسه غالباً، فمهما كان شكل الطوق، أو تركيبه -كطوق الياسمين، أو طوق اللؤلؤ مثلاً-، فسيبقى مجموعة من الأحداث المصفوفة بشكل مُتماثل، ونَسق ثابت، تُشكِّل فيه كلّ وحدة منفردة بداية، ونهاية في الوقت نفسه، تماماً كما هو الحال في مواضيع الكتاب، أمّا دلالته الأخرى التي تتعلّق بمحتوى الكتاب فهي تتعلّق بتقديمه العواطف، والحالات الشعوريّة على أنّها كالطوق في تكرارها، وتواتُرها.[٤] أمّا كلمة (الألفة) بدلالتها فترتبط مع لفظة (الطوق)؛ وذلك في كونها تحمل معاني الثبات، والتكرار؛ فالألفة تنشأ عندما يُصبح الشيء عادة عند الإنسان، بينما يعتقد الكثيرون أنّ في لفظة (الأُلّاف) لفظة الجمع التي تُشتَقّ من (الأُلفة)، والإنسان بانتقاله من لفظة (الأُلفة) إلى لفظة (الأُلّاف) يوحي إلى القارئ بأنّهما يفيدان نفس الحالة، والمعنى، إلّا أنّ هناك اختلافاً بينهما؛ فلفظة (الأُلّاف) تحمل معنى التعدُّد، والتغيير؛ بسبب معناه الصرفيّ، في حين أنّ لفظة (الألفة) تحمل معاني الثبات، والسكون، وهذه هي الحركات الدلاليّة التي تتراوح بين الثبات، والتغيير والتي يُريدها ابن حزم في كتابه.

أبواب كتاب طوق الحمامة وموضوعاته

يتناول كتاب طوق الحمامة ثلاثين باباً مُقسَّماً؛ حيث تناول في عشرة منها أصول الحُبّ، وتطرّق فيها إلى الحديث عن تدرُّجاته، فجاء باب الصلة في النوم أخفّها، فيما عُدَّ باب الصلة في الواقع أقواها.

كما شمل الكتاب اثني عشر باباً في أغراض الحُبّ؛ المحمود منها، والمذموم، وقد أُضيفت إلى هذه الأغراض كلّ صفة، ونقيضها.

ولم يخلُ الكتاب من الحديث عن آفات الحُبّ الداخلة فيه، وهي ستّة أبواب، فيما ختم ابن حزم كتابه بالحديث في آخر بابَين عن فضل التعفُّف؛ ليكون الحُبّ مُرتبطاً بالتديُّن ارتباطاً يُفضي إلى الحضّ على طاعة الله، وذِكر القُبْح الذي تأتي به المعصية.

صنّف ابن حزم الكتاب على نحو متسلسل كما ذُكِر سابقاً، إلّا أنّه أشار إلى أنّ هناك أربعَ آفات للحبّ لا أضداد لها من أعراض الحبّ، وهي أربعة أبواب، وردت كالآتي: باب الرقيب، وباب الواشي، وباب البَيْن، وباب السُلُو، وقد أورد ابن حزم الأبواب كلّها على نحو مُتتالٍ بلا تصنيفات تندرج تحت عناوين رئيسيّة، كما ذكر في بداية الكتاب؛ إذ يسترسل في ذِكر الأبواب بحسب رؤيته.

 

المصدر: موقع موضوع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى