قصص

Frankenstein – ماري شيلي: أسطورة الخلق والدمار

نبذة تعريفية عن الرواية

رواية Frankenstein; or, The Modern Prometheus هي عمل أدبي خيالي كلاسيكي كتبته المؤلفة البريطانية ماري شيلي عام 1818، باللغة الإنجليزية، عندما كانت في التاسعة عشرة من عمرها فقط. تُصنف الرواية ضمن أدب الرعب القوطي والخيال العلمي، وتُعد واحدة من أوائل الروايات التي مزجت بين العلم والفلسفة والخيال بطريقة مبتكرة.

لم تُمنح الرواية جوائز أدبية عند نشرها الأول، لكن قيمتها الأدبية والنقدية ارتفعت بمرور الوقت، حتى أصبحت من أهم الأعمال في الأدب الغربي. تُرجمت إلى أكثر من 30 لغة، وطُبعت ملايين النسخ حول العالم، ولا تزال تُدرس في الجامعات وتُقتبس في شتى وسائط الثقافة الحديثة. عُرفت ماري شيلي لاحقًا بأنها أم أدب الخيال العلمي، ورواية فرانكنشتاين كانت السبب في ذلك.

 

في قلب العاصفة: الحكاية كما روتها العيون المرتجفة

في ليلة باردة من ليالي القطب المتجمد الشمالي، كانت السفينة “آركتيك” تشقّ طريقها وسط الجليد القاسي والضباب الكثيف. كتب القبطان روبرت والتون في إحدى رسائله إلى شقيقته في إنجلترا عن مغامرته العلمية والبحرية، ليُفاجأ ذات مساء غامض برجل نحيل، أشعث المظهر، يصارع الحياة بين الثلوج. حملوه إلى السفينة، وهناك بدأ الغريب يروي قصته—قصة لا تُصدق، لكنها حقيقية بكل ألمها ورعبها.

ذلك الغريب كان الدكتور فيكتور فرانكنشتاين، عالِم شاب سويسري مهووس باكتشاف أسرار الحياة والموت. في صباه كان مولعًا بالعلوم الطبيعية، متأثرًا بكتابات باراسيلسوس وألبيرتوس ماغنوس، باحثًا عن “الشرارة الإلهية” التي تبعث الحياة في الجماد.

سافر فيكتور إلى جامعة إنغولشتات الألمانية ليتلقى تعليمه، وهناك انغمس كليًا في التجارب، حتى توصل إلى كشف مذهل: طريقة لإعادة الحياة إلى الجسد الميت. بدأ بجمع الأشلاء من المقابر والمشارح، جمّعها بحرفية مريبة، وصنع جسدًا هائلًا، أطول من البشر، أقوى من المألوف.

وفي ليلة عاصفة، بين الرعد والبرق، دبّت الحياة في ذلك الجسد.

فتحت عيناه الصفراء، وتنفّس… ثم بدأ يتحرك.

لكن ما كان من المفترض أن يكون أعظم إنجاز في حياته، تحول إلى أسوأ كوابيسه. فبمجرد أن أبصر المخلوق النور، انتابت فيكتور رعشة الرعب. لم يكن المخلوق كما تخيله: كان مشوهًا، مرعب الملامح، مخيفًا، ينبض بالحياة لكن خالٍ من الإنسانية.

هرب فيكتور من الغرفة، وتُرك “الوحش” وحيدًا، مرفوضًا منذ ولادته.

صوت الوحش: إنسانية منبوذة

تجول المخلوق في الغابات والجبال، باحثًا عن مأوى وفهم، غير مدرك لعالمٍ لم يرحّب به. تعلم اللغة، والمشاعر، من خلال مراقبة عائلة فقيرة تقطن كوخًا في الريف. أحبهم من بعيد، ساعدهم في جمع الحطب، وتمنى أن يكون أحدهم. لكن حين قرر أن يكشف نفسه، قوبل بالصراخ، والطرد، والضرب.

تحطمت روحه.

عاد يبحث عن خالقه، عن “أبيه” الذي تخلى عنه. وجد فيكتور، وتحدث إليه لأول مرة. لم يكن صراخه أو تهديده، بل توسله: “اصنع لي أنثى، مثلي، تؤنس وحدتي.”

لكن فيكتور، وقد أدرك فداحة فعله، رفض… ثم تراجع، ثم عاد ورفض من جديد بعد أن بدأ بصنع الأنثى. تمزق بين ضميره وعلمه وخوفه من مضاعفة الخطيئة.

عندها أعلن المخلوق التمرد: “سأجعلك تتذوق آلامي.”

صراع العالِم و”ابنه” الملعون

بدأ المخلوق في الانتقام. قَتل شقيق فيكتور الأصغر، ثم تسبب في شنق خادمته البريئة “جوستين”، التي اتهمت زورًا. لاحقًا قتل صديقه المقرّب “هنري”، ثم زوجته “إليزابيث” في ليلة زفافهما.

تحول فيكتور إلى رجل محطم. تعهّد بملاحقة المخلوق حتى النهاية. من جبال سويسرا إلى مدن أوروبا إلى الثلوج القطبية، استمرت المطاردة.

وفي القطب الشمالي، استسلم جسد فيكتور المنهك للموت، بينما استمر في سرد حكايته إلى الكابتن والتون، طالبًا منه أن يكمل مهمة المطاردة.

وما إن مات، حتى ظهر المخلوق مجددًا، ينظر إلى جثة خالقه بعينين دامعتين. لقد أحب صانعه رغم كل شيء.

قال لوالتون:

أنا أكثر تعاسة مما تتخيل… لن يراني العالم ثانية.

ثم اختفى في الظلام، عاقدًا العزم على أن يُحرق نفسه وسط الجليد، وينهي اللعنة التي خلقها البشر.

 فرانكنشتاين: أكثر من قصة رعب

لم تكن الرواية مجرد حكاية عن وحش مشوه، بل كانت تأملًا عميقًا في مفاهيم الخلق والهوية، الرفض والإنسانية، السلطة والمسؤولية. من هو الوحش الحقيقي؟ هل هو المخلوق القبيح الذي لم يُمنح فرصة؟ أم فيكتور، الذي تجاوز حدود العلم دون أن يتحمل نتائج أفعاله؟

كتبت ماري شيلي هذه الرواية في تحدٍ أدبي مع زوجها بيرسي شيلي وصديقهم الشاعر لورد بايرون أثناء عطلة صيفية ممطرة في سويسرا. كانت الفكرة أن يؤلف كل منهم قصة رعب. ولكن قصة ماري كانت الأكثر خلودًا، لأنها لم تكن فقط قصة رعب، بل صرخة فلسفية حادة في وجه التقدم العلمي غير المنضبط.

 الأعمال الفنية المقتبسة عن الرواية

1. Frankenstein (1931)

  • المخرج: جيمس وايل
  • البطولة: بوريس كارلوف (في دور الوحش)، كولين كلايف (فيكتور فرانكنشتاين)
  • تقييم IMDb: 7.8/10
  • يعتبر الفيلم من أولى وأشهر نسخ الاقتباس، وأصبح مظهر “الوحش” كما صوّره الفيلم أيقونيًا.

2. Mary Shelley’s Frankenstein (1994)

  • المخرج: كينيث براناه
  • البطولة: روبرت دي نيرو (الوحش)، كينيث براناه (فرانكنشتاين)، هيلينا بونهام كارتر
  • تقييم IMDb: 6.3/10
  • حاول الفيلم أن يكون أكثر وفاءً للنص الأصلي، مركّزًا على العاطفة والمعاناة الوجودية للمخلوق.

3. Victor Frankenstein (2015)

  • المخرج: بول ماكغين
  • البطولة: دانيال رادكليف (إيغور)، جيمس ماكافوي (فرانكنشتاين)
  • تقييم IMDb: 6.0/10
  • اقتباس حر بأسلوب عصري، مع تركيز أكبر على العلاقة بين فرانكنشتاين ومساعده إيغور.

4. Penny Dreadful (2014–2016)

  • مسلسل تلفزيوني على شبكة Showtime
  • يتضمن شخصية الوحش في حبكة سوداوية مع شخصيات من أدب الرعب الكلاسيكي.
  • تقييم IMDb: 8.2/10

أصداء العمل الفني والنقدي

رواية Frankenstein ألهمت أجيالًا من الكُتاب وصُنّاع الأفلام، وأثّرت بعمق في الثقافة الشعبية، من القصص المصورة إلى المسلسلات إلى المسرحيات. صورة “الوحش” أصبحت رمزًا عالميًا—ولكن بطريقة غالبًا ما تنحرف عن جوهر الرواية الأصلي.

العديد من الأفلام ركّزت على الرعب والعنف، متجاهلة الجوانب الفلسفية والإنسانية في شخصية المخلوق. ومع ذلك، كانت بعض الاقتباسات أكثر وفاءً للرؤية الأصلية، مثل فيلم 1994 الذي أبرز مأساة الخلق والمُخلّق.

النقّاد أشادوا بتعقيد الرواية، واعتبروها نقدًا مبكرًا للعلموية المتطرفة. كما أُعيد تأويل الرواية مرات عديدة في ضوء قضايا مثل الاستنساخ، الذكاء الصناعي، حقوق الكائنات الحية، والتجارب الجينية.

فرانكنشتاين ليست مجرد قصة وحش، بل قصة الإنسان عندما يلعب دور الإله دون وعي، ثم يرفض مسؤوليته. ماري شيلي خلّدت هذه الفكرة، وجعلت منها صرخة أبدية في وجه الغرور العلمي والخذلان الإنساني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى